(بيدرسن) الحمار الذي أكل الدستور

كثير من الأصدقاء سألوني عن سر اهتمام السوريين بموضوع جمعية تعدد الزوجات التي أُعلن عنها في إدلب بما لا يقاس مع اهتمامهم باجتماعات اللجنة الدستورية بين وفدي النظام والمعارضة في جنيف، بل إن قلة فقط من السوريين أولى اهتماماً بهذه الاجتماعات على الرغم من الضخ الإعلامي العربي والمحلي واهتمامه بتلك الاجتماعات في محاولة لجر هذا الموضوع إلى دائرة اهتمام السوريين، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل لأن السوريين على ما يبدو باتوا يميلون فطرياً إلى ما يهمهم وإهمال ما لا يهمهم، فهل الحديث عن جمعية لتشجيع تعدد الزوجات أهم من اجتماعات وفدي المعارضة حول الدستور؟.

بالطبع لا، فأي نشاط سياسي في هذه الظروف يجب أن يكون أكثر أهمية لدى السوريين، لكن الذي حدث، وخاصة فيما يتعلق باللجنة الدستورية، وبعد خمس جولات سابقة، أن السوريين أدركوا بالفطرة أن هذه الاجتماعات لا طائل منها، حتى أن أعضاء اللجنة من طرف المعارضة باتوا يدركون ذلك ولكن لابأس من استمرار قبض المرتبات الشهرية وجولة من السياحة السياسية في جنيف، كما أن السوريين جميعاً تقريباً، بمن فيهم أعضاء اللجنة، باتوا يعلمون أن المبرر الوحيد لاستمرار هذه اللقاءات من قبل النظام هو إعطاؤه مزيداً من الشرعية من قبل المعارضة دون أن يمنح هذه المعارضة تلك الشرعية، فالنظام لا يكف عن القول أن الطرف المفاوض من قبله لا يمثل النظام وإنما يمثل أشخاصاً قريبين منه.

إن أكثر ما يثير الضحك في هذه الاجتماعات هي تصريحات المبعوث الأممي (بيدرسن) الذي يحاول إعطاء جهوده نوعاً من القيمة عبر إطلاق سلسلة من النكات والطرائف التي تثير التقيؤ أحياناً من حجم القذارة التي تتضمنها هذه التصريحات، وكانت آخر تلك النكات إعلان بيدرسن عن التوافق على وضع مسودة لدستور سوري، نعم أيها السادة؛ اتفق الطرفان على وضع مسودة (مسودة)، ركزوا على هذه الكلمة التي تعني أن المباحثات في خمس جولات والجولة الحالية تدور في حلقة مفرغة وأن شيئاً لم يتحقق، فالخلاف سيعود إلى نقطة الصفر، بمعنى أنه سيعود إلى القضايا الخلافية التي كانت موجودة مسبقاً، أية نكتة هذه يا سيد بيدرسن؟

بيدرسن نفسه حريص على استمرار تسلم مرتبه ومهماته والمبالغ (بالهبل) التي يقبضها من وراء استمرار هذه الاجتماعات، ومن ذلك نكتشف أن للجميع مصلحة في استمرار هذه الاجتماعات والمماطلة فيها لأسباب لا علاقة لها بالدستور ولا بمستقبل سوريا أو بحل لمشكلة السوريين، فكلٌّ يبحث عن مصلحته الخاصة بل والخاصة جداً.

في مسرحية (غربة) يطلب المعلم من البيك أن يعرض عليه الدستور الذي يخوله أن يكون زعيماً على (هالدراويش) فيطلب البيك من حارسه أن يحضر الدستور فيدور الحوار التالي بين الحارسين الخاصين بالبيك:

  • وين الدستور؟
  • بالخرج؟
  • وين الخرج؟
  • عالحمار؟
  • وين الحمار؟
  • موقوف
  • ليش، شو عمل؟
  • أكل الدستور

والمبعوث الدولي، السيد غير بيدرسن، بلع الدستور..

ولكننا نتساءل مع البيك في ذات المسرحية (كيف انهضم معه هيك دستور)؟!