أطفال ونساء في إدلب لقمة عيشهم عند خطوط النار

إدلب نورث برس

على مقربة من خطوط التماس في بلدة الفطيرة بمنطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، تعمل منى الشواف (43عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة من ريف حماة الشمالي، في التعفير وتستغل أوقات الصباح الباكر، “حيث لا طائرات استطلاع روسية حينها”.

وتعمل النازحة من الساعة الخامسة صباحاً وحتى العاشرة لقطف الزيتون وتجني مبلغ يتراوح بين 75 ومئة ليرة تركية، نظراً لوفرة المحصول في جبل الزاوية مقارنة مع باقي المناطق.

و”التعفير” مصطلح شعبي يطلق على التقاط بقايا المحاصيل التي تركها المزارعون بعد انتهاء مواسمها ولم تطلها أيدي القاطفين، لكن البعض لا يحبذ هذا العمل في ظل اتهامات بـ”السرقة”.

وتقصد “الشواف” مناطق جبل الزاوية حيث لم يتمكن مزارعون من جني محاصيلهم بسبب التصعيد العسكري في المنطقة.

وتقول بلهجتها المحلية بينما تنهمك في قطف حبات الزيتون، “شو جابرك عالمر غير الأمرّ منه، لدي خمس أطفال وأنا مجبرة على العمل في هذه المناطق الخطرة لإعالة عائلتي”.

ومنذ أشهر تشهد منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا، تصعيداً عسكرياً وقصفاً متبادل بين فصائل المعارضة وقوات حكومة دمشق والقوات الروسية المساندة لها، على الرغم من سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته روسيا وتركيا قبل عامين.

وتصاعدت مؤخراً حدة التصريحات الروسية بعد القمة التي جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، بشأن ضرورة إخلاء إدلب من “الإرهابيين”، ما تبعها من تصعيد ملحوظ على الأرض.

أطفال يعملون

وباتت مخاوف سكان ونازحين في إدلب من عملية عسكرية قريبة في المنطقة، تظهر بشكل واضح في حالة الركود التي تشهدها قطاعات كالبناء والزراعة والصناعة وسط نزوح عائلات من المناطق التي تتعرض للقصف إلى مخيمات ومدن أخرى.

ودفعت الحرب السورية والظروف المعيشية الصعبة، مئات الأطفال للعمل بمهن مختلفة في ظل صعوبات ومخاطر يتعرضون لها خلال العمل.

ومع ساعات الفجر الأولى تخرج صباح الراشد (35عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مدينة أريحا جنوب محافظة إدلب شمال غربي سوريا، برفقة أطفالها الأربعة لجني بقايا محاصيل زراعية مع انتهاء مواسمها.

ومنذ أكثر من خمسة أعوام، تعمل النازحة في “التعفير”، حيث تجد في هذا العمل مصدر رزق يعينها على تأمين احتياجات منزلها ومستلزمات أطفالها.

وتعمل “الراشد” وعشرات النازحين في إدلب في جني بقايا محاصيل الخضراوات والحبة السوداء (الكمون الأسود) والزيتون واليانسون والرمان والتفاح وغيرها، ويجنون من هذا العمل “ربحاً جيداً”، إذ أنه يبقى أفضل من الأجر الذي يحصلون عليه من أرباب العمل، على حد تعبيرهم.

وتجني النازحة الثلاثينية مبلغاً يتراوح بين 30 إلى 40 ليرة تركية (أي ما يقارب 15 ألف ليرة سورية) يومياً، لقاء بيع ما تجمعه لمحلات.

وبحسب سكان في إدلب فإنه ونتيجة ازدياد الكثافة السكانية في المدينة والمخيمات الحدودية، قلّت فرص العمل وازدادت نسبة البطالة، وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها النازحون والسكان.

ووفق آخر إحصائية لفريق “منسقو استجابة سوريا”، فقد بلغ عدد النازحين في مناطق شمال غربي سوريا، 2.1 مليون نازحاً.

ووصلت نسبة البطالة إلى 89% بحسب “منسقو استجابة سوريا”.

عمل بالموافقة

وبحسب تقرير للجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، صدر في منتصف الشهر الماضي، فإن “التدهور السريع” في الاقتصاد السوري، أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي، “ويبدو الوضع العام في سوريا قاتماً بشكل متزايد”.

وبالقرب من مدينة معرة مصرين بريف إدلب الشمالي، يعمل رائد السعيد(11عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب في تعفير بقايا أشجار الزيتون برفقة إخوته الثلاثة.

وبدأ الطفل بالعمل بعد وفاة والده جراء إصابته بفيروس كورونا بداية العام الجاري، إذ اضطر ولسوء الأوضاع المعيشية لترك مدرسته والعمل في تعفير المحاصيل الزراعية وجمع الأعشاب الطبية.

وبعد عملية الجمع، يقوم الطفل بفرزها وبيعها في الأسواق لجني 30 ليرة تركية يومياً.

وعلى عكس البعض، يشير الطفل إلى أنه لا يعمل على جمع بقايا المحاصيل في أي أرض قبل الحصول على موافقة من مالكها أو المزارع المسؤول عنها، وفقاً لما أشار إليه لنورث برس.

إعداد: سمير عوض – تحرير: سوزدار محمد