مشكلة المياه.. مزارعون في الحسكة يلجأون لخيارات أخرى لعدم منحهم الرخص

الشدادي- نورث برس

اضطر عودة المحمد (38عاماً)، وهو مزارع في ريف مدينة الشدادي شمال شرقي سوريا، لشراء مستلزمات الزراعة من بذار ومحروقات من السوق السوداء للبدء بزراعة أرضه، وذلك بعد أن فشلت كل محاولاته بالحصول على الرخصة الزراعية.

ويشتكي مزارعون يملكون أراض على ضفاف نهر الخابور من عدم منحهم تراخيص ومستلزمات الزراعة بأسعار مدعومة.

وقام هؤلاء بشراء كافة المواد من السوق السوداء بأضعاف أسعار المواد التي تمنحها لجنة الزراعة في الشدادي لأصحاب الأراضي المرخصة المروية والبعلية.

واشترى “المحمد” الذي يملك نحو 30 دونماً مروياً على ضفاف الخابور، الكيلوغرام الواحد من بذار القمح بـ1700 ليرة سورية واللتر الواحد من المازوت بـ600  ليرة.

فيما لم يتمكن المزراع من شراء الأسمدة إلى الآن بسبب غلائها وعدم قدرته على تأمين ثمنها، إذ يبلغ سعر الطن الواحد في السوق السوداء نحو 450 دولاراً أميركياً.

شح في المياه

ويمتد نهر الخابور بداية من ناحية العريشة مروراً بالشدادي ومركده وريف دير الزور وصولاً إلى نهر الفرات.

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المروية على طول الخابور في الشدادي وريفها 3335 دونماً, بحسب لجنة الزارعة في الشدادي.

ويعتمد أصحاب هذه الأراضي على مياه الأمطار التي تتجمع في حوض النهر في مواسم الهطول لسقاية محاصيلهم، نتيجة قطع مياهه من الجانب التركي خلال السنوات القليلة الماضية إلا أن شح أمطار الموسم الفائت جعلهم أمام واقع مزر.

وتسبب جفاف النهر خلال الموسم الماضي، بخسائر كبيرة في المحاصيل وتراجع الإنتاج بنسبة 50 بالمئة، بحسب مزارعين.

لكن خلال هذا الشهر، عادت مياه الخابور للتدفق من الجانب التركي مجدداً بعد نحو ست سنوات من القطع، إلا أن مزارعين قالوا لنورث برس إنهم لا يأملون استمرارية التدفق، خاصة أن منسوب المياه انخفض بعد أيام من بدء التدفق.

وأرجع نومان العبدالله، الرئيس المشارك للجنة الزراعة في الشدادي سبب عدم منح الرخص إلى “عدم وجود كميات كافية من المياه في سد الحسكة الجنوبي”.

وأشار إلى أن الجفاف الذي ضرب المنطقة في الأعوام الماضية أدى لنقص كميات المياه في السد، “وهو ما دفعنا لعدم ترخيص الأراضي على ضفاف الخابور وعدم تقديم أي دعم للمزارعين”.

ففي حال تم تقديم الرخص لتلك الأراضي، ستضطر لجنة الزراعة لفتح بوابة السد لري المحاصيل، “وهو غير ممكن”، بحسب “العبد الله”.

لكن مزارعين قالوا إن عدم تقديم الدعم سيكبدهم خسائر وسيؤثر على كمية الإنتاج خاصة أنهم سيضطرون لتقليل كميات الأسمدة التي تحتاجها المحاصيل.

ومع رفض لجنة الزراعة منح الدعم، لجأ البعض إلى الزراعة البعلية.

تكاليف باهظة

وخلال السنوات الماضية، كان أصحاب الأراضي الزراعية على الخابور يحصلون على الدعم كالمحروقات والبذار وغيرها، إلا أن تقديم الدعم هذا العام يقتصر على الآبار الزراعية فقط، وفقاً لما ذكره “العبد الله” لنورث برس.

وتقدم لجنة الزراعة في الشدادي للدونم الواحد من الأراضي المرخصة المروية، 30 كيلوغراماً من بذار القمح بسعر 1200 ليرة للكيلو الواحد، في حين يبلغ سعر الطن الواحد من السماد 350 دولاراً أميركياً، إضافة إلى إلى بيع المحروقات بسعر مدعوم يصل إلى 90 ليرة سورية للتر الواحد. 

فيما تمنح للأراضي البعلية المحروقات فقط من أجل الحراثة ونثر البذار.

لكن مثله مثل غيره قام صبري الحمدان (47عاماً) وهو مزارع في ريف الشدادي، ويملك 20 دونماً مروياً بشراء بذار القمح بـ1700 ليرة للكيلوغرام الواحد ولتر المحروقات بـ550 ليرة سورية.

يقول “الحمدان” بينما يراقب الجرار الزراعي أثناء حراثة أرضه إنه يتخوف من تكبد الخسائر خاصة أن تكاليف الزراعة “باهظة جداً”.

ويضيف: “نتعرض سنوياً للخسائر ولا دعم يعوض خسارتنا”.

إعداد: باسم شويخ – تحرير: سوزدار محمد