ارتفاع مقلق لأعداد المصابين بالليشمانيا في ريف الحسكة

تل تمر – نورث برس

للأسبوع الخامس على التوالي يرتاد مصطفى محمود وزوجته برفقة أطفالهما الخمسة، مستوصف بلدة تل تمر شمال شرقي سوريا، بقصد العلاج، بعد أن انتشرت تقرحات الليشمانيا في مختلف الأماكن بأجسادهم.

ويقول ‘‘محمود’’ بعد انتهاءه من حقن 20 إصابة في أماكن مختلفة من جسده لـنورث برس، إنها المرة الخامسة التي يتلقى  فيها حقن الليشمانيا.

ويضيف الرجل الأربعيني، أن الإصابة كانت في بادئ الأمر تقرحات صغيرة ظهرت على جلد أحد أطفاله وتسببت له بحكّة، قبل أن تنتشر بين جميع أفراد العائلة.

تزايد عدد المصابين

ويكتظ المستوصف الوحيد في البلدة والذي أنشأته الإدارة الذاتية قبل عامين، بالمصابين بـ الليشمانيا أو ما يعرف محلياً بـ‘‘حبة حلب’’ في وقت تشهد نسبة الحالات ارتفاعاً محلوظاً يوماً بعد آخر.

وحدد المستوصف يومي الأحد والأربعاء لاستقبال الحالات، وتقديم جرعات العلاج وبشكل مجاني.

وبلغ عدد المصابين في منطقة تل تمر لوحدها نحو 1500 حالة منذ مطلع الصيف ، وسط ترجيحات بارتفاع العدد، لأن أعراض الإصابة تستغرق مدة قد تدوم لأشهر كي تظهر، بحسب إداريين في مستوصف البلدة.

مستوصف الشهيدة ليكرين في تل تمر

وتقول هنوف إبراهيم، وهي ممرضة مشرفة على معالجة المصابين في المستوصف، إن “عدد المصابين الحقيقي هو أضعاف المسجلين في المستوصف، خاصة أن الكثيرين “يتخوفون من تلقي علاج الحقن، مما دفعهم إلى التوجه للعلاج منزلياً بوساطة الأعشاب وغيرها’’.

وبحسب المشرفة، فإن هذه الأعداد  قابلة للازدياد لأن ذبابة الليشمانيا تضع بيوضها تحت الجلد ويتأخر ظهور أعراضها، كما أنها تكون نشطة طيلة فترة الشتاء.

وبعد الانتظار لساعات، تمكن الرجل الستيني محمد الوكاع، الذي يتحدر من ريف البلدة، من حقن التقرحات الثلاثة التي ظهرت في يده مؤخراً.

ويقول بينما يقف وسط جموع من المراجعين داخل المستوصف، ‘‘في البداية كانت حبة صغيرة عالجتها بالمرهم لكن سرعان ما انتبهت لظهور عدة تقرحات أخرى في جسدي، فقمت بمراجعة المستوصف للعلاج’’.

وفي قسم الاستقبال بالمستوصف، يقوم شخصان بتسجيل أسماء المصابين، بينما تعمل ثلاثة ممرضات في تجهيز الحقن، وتقوم أخريات بحقن المصابين.

وبين طوابير  المنتظرين أمام المستوصف، يعلو بكاء عشرات الأطفال، الذين هم الأكثر عرضة للإصابة، وفق الأطباء.

وتجهش طفلة بالبكاء على أحد الأسرة أثناء تلقيها لحقن الإصابات المنتشرة في جسدها.

غياب المكافحة

وتسببت مستنقعات مياه الصرف التي تشكلت في نهر الخابور عقب جفافه هذا العام، بسبب حبس تركيا للمياه، بالإضافة لغياب المكافحة الحشرية من قبل البلدية، بانتشار أنواع مختلفة من الحشرات.

وبحسب عاملين في المستوصف،  فإن معظم  الإصابات بالوباء، تتركز  في بلدة تل تمر والقرى المحاذية لمجرى نهر الخابور الذي يشكل بيئة حاضنة مناسبة للحشرة الناقلة للوباء.

ويحمّل سكان بلدية البلدة سبب انتشار الإصابات وتزايد أعدادها بسبب “إهمالها لرش المبيدات الحشرية في البلدة وريفها”.

ويقول سكان في قرية تل نصري المحاذية لبدلة تل تمر، إن البلدية لم تقم برش المبيدات منذ أكثر من سنتين، رغم مطالبتهم لها بذلك مراراً.

وبرر مسؤولون في بلدية الشعب بتل تمر، عدم قيامهم برشّ المبيدات بعدم توفّر المبيدات المناسبة لديهم واستمرار القصف من قبل القوات التركية على ريف البلدة.

لكن سكاناً رفضوا تبريرات البلدية، وقال محمد الصويلح (35 عاماً )، وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية تل نصري، لنورث برس، “إذا كانت البلدية تتحجج بالقصف الذي تشهده محيط البلدة فلماذا لا ترش المبيدات في المناطق البعيدة عن أماكن القصف؟”.

ويتساءل: “لماذا لا يقدمون الطلبات للمنظمات لتساهم بمكافحة الحشرات، إذا كانوا يتحججون بعدم توفر الإمكانيات لديهم وغياب الحلول؟”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: ريبر جزيري