انهيار موسم القطن في الحسكة ومزارعون يتكبدون خسائر فادحة

الحسكة – نورث برس

لم يجن سمير السالم (66 عاماً)، وهو مزارع من قرية خربة السودة بريف تل تمر شمال شرقي سوريا، سوى طني قطنٍ من مساحة 50 دونماً هذا العام.

ويقول المزارع، بينما ينتظر دوره لتسليم محصوله لمركز محلج القطن في مدينة الحسكة، إن “الإنتاج كان سيئاً للغاية مقابل تكاليف زراعية باهظة”.

وعلى وقع انهيار الموسم هذا العام تكبد المزارعون خسائر فادحة ففي حين كان يدر الدونم الواحد بين 450 إلى 600 كيلوغراماً خلال المواسم السابقة، لم يبلغ إنتاجه 50 كيلوغراماً هذا الموسم.

وباتت خشية وقلق “السالم” كما غيره من المزارعين يتمحوران حول تكبد المزيد من الخسائر في حال كانت درجة جودة محصوله متدنية، خاصة أنه تكلف لزراعة الدونم الواحد من بذار ومحروقات وسماد وأجور القطاف والنقل والأكياس وغيرها 120 ألف ليرة سورية.

ففي حال تم احتساب محصوله على الدرجة الأولى فإن قيمة مبيع الإنتاج لديه ستكون خمسة ملايين ليرة سورية، في حين أن التكلفة الإجمالية للزراعة بلغت ستة ملايين.

ويرجع مزارعون أسباب انهيار الموسم إلى انقطاع المجاري المائية ونقص كميات الوقود المخصصة لتشغيل الآبار وسقاية المحصول.

واضطر مزارعون هذا الموسم لبيع محاصيلهم قبل قطافها لمربي ماشية، تجنباً لدفع المزيد من التكاليف مقابل تدني الإنتاج.

ويعتبر القطن من أهم المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها المزارعون في شمال شرقي سوريا، حيث تحتل زراعته المرتبة الثانية بعد القمح.

وخلال سنوات الحرب، تراجعت زراعة القطن في منطقة الجزيرة، لا سيما خلال العامين الأخيرين بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل معارضة مسلحة موالية له على مساحات زراعية في منطقتي سري كانيه/ رأس العين، وتل أبيض.

دعم قليل

في الثالث عشر من أيلول/سبتمبر الفائت، رفعت الإدارة الذاتية سعر الكيلوغرام الواحد من القطن إلى 2500 ليرة سورية بعدما كانت قد حددته بـ 1950 ليرة.

وتستلم مراكز القطن في شمال شرقي سوريا المحصول عبر آلية الدرجات والتي تتألف من 10 درجات، ويبلغ سعر الدرجة الأولى 2500 ليرة، في حين أن الدرجة العاشرة تبلغ 2100 ليرة سورية، بحسب قائمين على المراكز.

وتخصص الإدارة الذاتية كل عام كمية محددة من الوقود للمحاصيل الزراعية التي تعتمد على الريّ، بحسب المساحة المزروعة ونوع المحصول.

لكن مزارعي القطن في الحسكة وريفها قالوا إنهم لم يحصلوا على كامل مخصصاتهم من المحروقات، فيما اشتكى آخرون من تأخر عملية التوزيع وقلة الكميات، وهو ما شكل عائقاً أثناء سقاية القطن الذي يحتاج إلى الريّ طوال فصل الصيف.

وامتنع قسم الإنتاج الزراعي في مديرية الزراعة بمقاطعة الحسكة عن الإدلاء بأي تصريح لنورث برس حول كميات المحروقات التي تم توزيعها على المزارعين وعدد الدفعات وأسباب نقص الكمية وشكاوى المزارعين عن عدم حصولهم على كامل مخصصاتهم.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، بررت مؤسسة الزراعة في بلدة تل تمر لنورث برس، قلّة دعم المزارعين بالمحروقات، بالضغط الكبير الذي تشكّل على محطات الوقود أثناء فترة الموسم الزراعي، وهو ما تسبب بتأخر مستحقاتهم “لعدة أيام”.

ولم يلق تعليق مؤسسة الزراعة في تل تمر صدى إيجابياً لدى سعدون عبدالقادر (71 عاماً) وهو مزارع من قرية أم المسامير بريف تل تمر، فقط اضطر لشراء المحروقات من السوق السوداء بمليون ليرة سورية.

وحصل “عبد القادر” من مديرية الزراعة في الحسكة طوال موسم القطن على 4500 ليتر من المازوت، “لكن الكمية كانت قليلة”، على حد قوله.

تسويق مستمر

وهذا العام، زرع المزارع السبعيني 30  دونماً من أرضه بالقطن، ولم يقم برشه بالسماد في محاولة منه لتخفيف التكاليف، “بلغت كمية الإنتاج 1600 كيلوغراماً فقط”.

ورغم قلة الإنتاج لديه، يجد “عبد القادر” نفسه محظوظاً وخاصة أن جودة محصوله جيدة، وقد تبقى له مرابح بأقل من مليون ليرة، وفقاً لما ذكره لنورث برس.

وفي الثامن والعشرين من شهر آب/ أغسطس الماضي، بدأت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا باستلام محصول القطن من المزارعين، من خلال أربعة مراكز تتوزع بين أقاليم الجزيرة والفرات ودير الزور.

وتستلم الإدارة الذاتية محصول القطن من المزارعين في مختلف مناطق شمال شرقي سوريا في أربعة مراكز وهي شنينة وكبش في الرقة ومركز السبعة كيلو في دير الزور والمحلج في الحسكة.

وبحسب محمود محمد، إداري في مركز محلج قطن الحسكة، فإن المركز مستمر باستلام محصول القطن وقد استلم حوالي 12 ألف طن من القطن، منذ الثامن والعشرين من آب/ أغسطس وحتى تاريخ السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وتقوم لجنة فنية في المركز بالإشراف على استلام المحصول من المزارعين لتحديد درجة جودته من خلال فنيين موجودين في المخابر، ومن ثم يتم تفريغه في مراكز مخصصة لها ضمن المحلج، لتتم بعدها عمليات الحلج والفرز، وفقاً لما ذكره “محمد” لنورث برس.

وبعد عملية الحلج يتم إرسال القطن المحلوج إلى معمل الغزل والنسيج في جي الغزل شرق المدينة، ليتم تحويله إلى خيوط نسيجية ومن ثم أقمشة في معامل خاصة بذلك، والاستفادة منه في صناعة الألبسة في مراحل لاحقة.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد