حلب- نورث برس
يقول صحفيون وسكان في مدينة حلب شمالي البلاد إن الجولات والزيارات المتعاقبة لمسؤولين حكوميين إلى المدينة، لم تكن مثمرة، فالوعود الحكومية المتكررة بتحسين الواقع المعيشي، لم تنفذ والواقع على حاله لم يتغير.
في منتصف هذا الشهر زار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم مدينة حلب، ضمن سلسة زيارات وجولات قام بها مسؤولون حكوميون إلى المدينة مؤخراً.
وسبقت هذه الزيارة زيارة قام بها رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس برفقة وزير الكهرباء ووزيري الصناعة والزراعة في منتصف حزيران/يونيو من العام الجاري.
وخلال زيارته لحلب، اطلع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك على الواقع المعيشي في المدينة وأسعار المواد الغذائية والتموينية وواقع الأفران والازدحام التي تشهدها، إضافة إلى لزيارة صالات السورية للتجارة بحسب ما نقله الإعلام الرسمي.
وعقد الوزير أيضاً اجتماعات مطولة مع عدد من الشخصيات والفعاليات الحكومية في حلب، كما أنه عقد مؤتمراً صحفياً أطلق فيه سلسلة من الوعود منها توفير المواد التموينية بأسعار مخفضة بصالات السورية للتجارة وحل مشكلة الازدحام على الأفران وزيادة كميات الخبز لكل أسرة.
لكن معتز الأحمد (33عاماً) وهو اسم مستعار لصحفي من حلب كان حاضراً في المؤتمر الصحفي يقول إن زيارة الوزير كما سابقاتها “ستكون فقط للتسويق الإعلامي وإظهار الحكومة بمظهر المهتم بقضايا المواطن وحاجياته”.
ويضيف الصحفي الذي لا يأمل من تلك الزيارة شيئاً، “تقديم الخدمات للسكان وحل المشاكل لا يتطلب زيارات وجولات مصورة”.
“هدر المال العام”
وتشهد مناطق سيطرة حكومة دمشق أزمة حادة في الأوضاع المعيشية في ظل موجة ارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة على خلفية انهيار قيمة الليرة السورية، وسط استمرار أزمات نقص الخبز والمحروقات والمواد التي تباع عبر البطاقة الذكية.
ولم تنجح السياسات الحكومية عبر تقنين تلك المواد من خلال اعتماد البطاقة الذكية والرسائل النصية في إيصال المخصصات لمستحقيها أو تخفيف الأزمات المعيشية.
وبحسب تقرير للجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، والذي صدر في الرابع عشر من الشهر الماضي، فإن “التدهور السريع” في الاقتصاد السوري، أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
ومنتصف شباط/فبراير 2020, أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة, عن أنّ 12.4 مليون شخص في سوريا يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، واصفاً زيادة العدد بـ”المقلق”.
وقال البرنامج إن الرقم يعني أن “60 بالمئة من السكان السوريين يعانون الآن انعدام الأمن الغذائي”، بناءً على نتائج تقييم وطني أواخر العام 2020.
ويرى حسين بدران (43عاماً) وهو اسم مستعار لصحفي من حلب أيضاً أن زيارات المسؤولين الحكوميين “لا تقدم ولا تؤخر”.
ويقول: “إنها هدر للمال العام من حجز فنادق وارتياد مطاعم فاخرة وتخصيص أسطول من السيارات المرافقة عدا عن حجز صالات لعقد المؤتمرات”.
ويضيف الصحفي: “جدول الزيارة حافل بالهدر وإضاعة المال الذي لو صرف على تنفيذ مشروع خدمي ما ولو كان صغيراً سيكون ذو نتائج تفوق الجدوى من هذه الجولات المتكررة”.
لا تغيير بعد الزيارات
وفي الخامس من الشهر الماضي، حضر وزير التربية دارم طباع إلى حلب لحضور حفل بداية العام الدراسي في مدرسة “المأمون” الحكومية.
وحرص الوزير بحسب “بدران”، على إظهار المدارس في حلب بمظهر متطور وحضاري أمام الكاميرات واكتفى بالتقاط بعض الصور والاستماع لهتافات التلاميذ وتردديهم للشعارات.
يقول الصحفي: “لم يكلف الوزير نفسه عناء زيارة مدارس أخرى تفتقر للحد الأدنى من المرافق، فلا مقاعد دراسية كافية ولا كتب لدى طلابها ولا حمامات”.
ويقول سكان إن الحكومة ورغم مرور نحو خمسة أعوام على خروج فصائل المعارضة، لم تقم بأي إصلاحات في البنى التحتية في عدد من أحياء حلب، وخاصة القديمة ومنها المدارس، كما أنها لم تقدم للمنطقة خدمات أساسية كالكهرباء.
وفي معظم أحياء حلب القديمة لا تزال مشاهد الدمار تطغى على المكان، فأحياء مثل “باب الحديد والأصيلة وباب المقام وبنقوسا” وغيرها من حارات حلب القديمة التي تلتف حول قلعتها التاريخية لا يزال الركام وبقايا الأبنية المدمرة تملء شوارعها وأزقتها الضيقة.
وتتفق لمياء نحاس (30 عاماً) وهو اسم مستعار لصحفية من حلب مع سابقها في أن مشاكل المدينة الخدمية والمعيشية وحتى الأمنية لم يطرأ عليها أي تغيير بعد زيارة الوفود الحكومية، “فلا تزال مشاكلنا هي ذاتها”.
وتتساءل الصحفية بنبرة استياء وتذمر، “هل يعلم السادة الوزراء أن الكثير من الأحياء لا يصلها الكهرباء وهل يعلمون بمشاكل نقص الغاز وشح المحروقات، وهل يدركون معاناة الصناعة الحلبية التي تنهكها الضرائب والرسوم؟”.
وتضيف: “مدينة حلب لا تحتاج لجولات ولا لزيارات. إنها بحاجة إلى تحسين معيشة السكان وتقديم الخدمات”.