الرقة – نورث برس
بالرغم من أن المنطقة تمر بظروف اقتصادية صعبة إلا أن سكاناً في مدينة الرقة شمالي سوريا ذات الطابع العشائري ما يزالون يتشبثون بعادات وتقاليد حتى لو كانت على حساب نفقاتهم المادية ولو كلفتهم الكثير مثل عادة الولائم واستقبال الضيوف.
وتقديم واجب الضيافة من الأمور في غاية الأهمية في مجتمع الرقة والتقصير في هذه العادة يجعل صاحبه مثالاً “للسخرية” في المحيط بحسب سكان تحدثوا لنورث برس.
ويقول مهنا الإسماعيل (51عاماً) وهو من أبناء عشيرة العفادلة واسعة الانتشار في هذه المنطقة، إن إكرام الضيف وإقامة الولائم هو أحد العناوين البارزة في مجتمعنا.
ويضيف: “الكرم والقيام بواجب الضيف دون تقصير هي من الصفات التي يتوجب أن يتحلى بها أي وجيه عشيرة أو شيخ”.
ولصفة الكرم جذور عميقة في التراث الشفاهي في منطقة الرقة، ويتداول السكان بكثرة مثلاً شعبياً يقول: “الضيف إن أقبل أمير وإن جلس أسير وإن قام شاعر”.
ويفسر المثل بأن الضيف حينما يدخل منزل مضيفه فكأنه أمير وعندما يجلس فهو أسير يجب عليه طاعة المضيف وقبول ما يقدمه له من ضيافة وإذا خرج فهو شاعر ينبغي عليه أن يتحدث بما رآه من كرم المضيف.
“البيت آمن”
وجرت العادة أن يبدأ استقبال الضيف بالقهوة المرة، قبل تقديم الطعام ساعة حضوره حتى لو كان في وقت متأخر من الليل ليقدم له في اليوم التالي وليمة من لحم الضأن على شكل منسف يدعى إليها الجيران والمعارف أيضاً.
ويقدم المضيف لضيفه حق الضيافة حتى إن كانوا على خصام مادام أنه دخل بيته، “فداخل البيت آمن، وخصوصاً عند تناوله الطعام في هذا البيت”، وفقاً لإسماعيل.
يقول إسماعيل: “تقوم شخصيات في مدينة الرقة من وجهاء وشيوخ، بإقامة ولائم عامة بين فترة وأخرى للتقارب بين السكان وتقليل الخصومات العشائرية في المنطقة”.
وقبل شهرين، أقام أحد شيوخ عشيرة العفادلة في السلحبية 20 كم غرب الرقة، وليمة غداء مؤلفة من 250 رأس غنم وأربعة جمال، وطنّي برغل وطن رز، وكانت الدعوة لمعظم العشائر في الرقة.
لكن هذه الوليمة أثارت الكثير من الانتقادات في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ما قال رواد إنها تأتي في ظروف اقتصادية متردية يعيشها سكان المنطقة.
قواعد لا تخالف
ولعادة الضيافة قواعد سلوكية يتبعها السكان وخاصة وجهاء العشائر، مثل تقدّيم الضيف إلى الطعام ومعه وجهاء العشيرة وكبار السن فيها، ولا يبدؤون بتناول الطعام إلا بعد الإيعاز من صاحب البيت فيقول “سمّو” وتعني “بسم الله” مع كلمات الترحيب بالضيف والحضور.
ومن مسميات الضيف في الرقة “المسيّر”، أما المضيف فهو “المعزب”، وجمع معزب “معازيب”، وهم أصحاب البيت، فالضيف عند نزوله في بيت مضيفه يكون ضيفاً على أفراد العائلة كافة، فالجميع يهتمون بأمره كلُ حسب واجبه، بحسب شيوخ ووجهاء عشائر.
وفي المقابل ثمة عدة أموريجب التنبه لها من قبل الضيف ومن معه على الطعام، وهي مواضع انتقاد وتدخل في الأمور المعيبة ولا يمكن تجاوزها أو عدم الانتباه إليها.
ومن هذه الأمور “المعيبة” وفقاً لعادات المنطقة، منها تناول الطعام باليد اليسرى أو بكلتا اليدين، وعدم المحافظة على النظافة أثناء الأكل وتناول الطعام من أمام غيره.
كما أن هناك أموراً يتحتم على صاحب البيت عدم إظهارها أمام ضيفه كشعوره بالمرض أو شكوى من حالة الفقر، وألا يتثاءب أمامهم وألا يرفع صوته بغضب في حضورهم.