الجرائم تنتشر في مناطق الحكومة السورية بنسبة تصل إلى 30 في المئة
دمشق ـ نورث برس
أخبار وزارة الداخلية التابعة للحكومة السورية عن الجرائم التي تحصل شبه يومية، قصص يكاد معظم السوريين لا يصدقون ما يحصل في البلاد. فربما لم تشهد سوريا، انتشاراً للجرائم وعلى أبسط الأسباب كما يحصل الآن.
عشرات الجرائم تنشرها صفحة وزارة الداخلية على صفحتها، ومن بعض الجرائم التي حصلت ضمن الأسرة الواحدة: “استعانة إحدى الفتيات بثلاثة فتيان لقتل والدها، ليقتلوه بمساعدتها بطريقة وحشية في منطقة صيدنايا بدمشق، مستخدمين الطلق الناري ومن ثم تحطيم رأسه”.
وكسرت الجرائم التي تحصل في سوريا الكثير من المحظورات، وتبين في أنواع من الجرائم التي حصلت أن هنالك انهيار في القيم الاجتماعية كما قال باحث اجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية لنورث برس لم يرغب بذكر اسمه.
أخبار جرائم
وتكررت جرائم قتل الأحفاد لجد أو جدة، ومن الحوادث التي حصلت قيام شاب باستدراج جدته من دمشق إلى درعا، ليقوم بقتلها بالتنسيق مع صديقه ليأخذ إسوارتي الذهب التي كانتا في يديها.
ومن أخبار الجرائم أيضاً قيام أب برمي قنبلتين على منزله وإصابة ولديه في منطقة الدريكيش بسبب خلافات عائلية.
كما أقدم زوج على قتل زوجته بإطلاق النار عليها في منطقة ببيلا، وأخ قتل أخاه في المنطقة ذاتها، حيث ظل بضرب رأسه في الحائط إثر خلاف نشب بينهما حتى فارق الحياة.
ومن القصص الطريفة أيضاً التي نشرتها وزارة الداخلية: “قيام عاشق بحرق منزل مدرّسته مهدداً ذويها بالقتل في محافظة اللاذقية، لأنهم منعوه من رؤيتها”.
كما استخدمت القنابل عقب الخلافات العائلية أيضاً، حيث بلغ عدد حوادث التفجير بالقنابل في خلال أسبوع أكثر من 5 حالات، راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح، فالحادثة التي وقعت أمام القصر العدلي بطرطوس في أواخر الشهر الماضي راح ضحيتها 3 قتلى، و13 جريحاً.
إحصائياً
مدير قسم الإسعاف في مستشفى المجتهد في دمشق، شدد على أنه وصل إلى المستشفى في أسبوع واحد فقط 7 حالات طعن بالسكين، وذلك خلال تصريح له لوسيلة إعلام محلية.
وإذا كانت تلك حالات جزئية، فقد سبق للأمن الجنائي أن سجل 366 جريمة قتل في عموم سوريا منذ بداية هذا العام وحتى الشهر الثامن فقط.
وقدرت وزارة العدل في دراسة لها نسبة الجريمة في سوريا بنحو 30%، وفي تصنيفها بينت وزارة العدل أن الجرائم المرتكبة يختلف تصنيفها بين جريمة ثقيلة وخفيفة ومشاجرة.
وفي تصريح له لوسيلة إعلام محلية، استنكر القاضي في وزارة العدل ربيع زهر الدين، الجرائم التي تحصل، وتحدث عن ظاهرة التمثيل بجثث المغدورين.
وعزا هذا السلوك الإجرامي إلى تعاطي المجرمون للمخدرات، حيث يصبح الذين يرتكبون الجرائم مسلوبو الإرادة وواقعون تحت تأثير المخدرات والمسكرات.
وقد شاع خلال سنوات الحرب انتشار تجارة وتعاطي المخدرات، وهناك عشرات الضبوط التي سجلتها وزارة الداخلية، حيث يشيع انتشار المخدرات بين جيل الشباب، والتجارة، في ظاهرة تترافق مع الحروب عموماً.
أسباب الظاهرة
وفي قراءته لأسباب هذه الظاهرة قال سامي حديد وهو اسم مستعار لدكتور في علم النفس الاجتماعي، لنورث برس: “ظهرت في الآونة الأخيرة مظاهر من السلوك العدواني سواء ضد بعض أفراد المجتمع، أو ضد الأفراد ذوي القربى، بشكل غير مألوف”.
وأعرب “حديد” عن اعتقاده في أن السلوك العدواني قد يكون فطريا لدى الفرد أو مكتسباً من خلال التعلم والخبرة. فمشاهدة السلوكيات العدوانية تزيد من احتمالية تصرف الفرد بعدوانية في المواقف المختلفة.
ويعيد الدكتور هذه السلوكيات إلى أسباب عديدة متمثلة، في “عدم الضبط الانفعالي في التعامل مع الموقف الحاصل بين الفرد والآخرين، إضافة إلى غياب الوازع الأخلاقي لدى الفرد، ومعاناة الفرد من مشكلات نفسية متعددة، وإشباع رغباته واحتياجاته غير المشبعة عن طريق استخدام القوة والعنف الشديد بحق الآخرين”.
ويرى أن هذا السلوك يعكس انخفاضاً في مستوى القيم الأخلاقية. “فالمشكلة في هذه السلوكيات لدى بعض الأفراد ناجمة في الغالب عن اضطراب نفسي، كالقلق والاكتئاب والإحباط الشديد، وغياب الشعور بالذنب، مع التلذذ بإهانة الآخرين من خلال إطلاق النار عليهم وقتلهم”.
أو قد تكون ناجمة عن “تعبير عن اضطراب في الهوية الذاتية والاجتماعية، أو شخصية تجسد سلوكيات سلبية لأشخاص عدوانيين، حيث يقوم الشخص باستخدام هذا السلوك لإظهار عدم قدرته على التعامل مع الموقف بمحكمة، بل التعامل معه بشخصية مضطربة نفسياً وانفعالياً”.
وعن أسباب انتشار مثل هذه السلوكيات العدوانية في المجتمع السوري قال “حديد” إن “مظاهر السلوكيات العدوانية التي ظهرت في وسائل الإعلام المختلفة خلال الأزمة السورية جعل كثيراً من ضعاف النفوس يتقمصون هذه السلوكيات ويقومون بها ضد الآخرين بدم بارد”.
ويقوم هؤلاء الأشخاص بارتكاب الجريمة “دون أي اعتبار للعقوبة الناجمة عن هذا السلوك، إضافة إلى توفر السلاح بأيدي بعض أفراد المجتمع والذي قد يتم استخدامه لتحقيق دوافعهم السلبية ضد الآخرين”، بحسب “حديد”.