مشاكل صحية وبيئية تسببها معامل بلاستيك قرب مخيمات شمال إدلب

إدلب – نورث برس

يتنقل سعيد العامر (43عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيم مورك شمال إدلب شمال غربي سوريا، بين العيادات الطبية بعد إصابة طفليه بمرض “ذات الرئة”،  سببه بحسب “العامر” معامل صهر وتدوير البلاستيك القريبة من مخيمهم، والتي “أدت لأمراض متعددة بين الأطفال والسكان في المخيم الذي يقطنه”.

وتنتشر معامل صهر مخلفات البلاستيك بمناطق متعددة في إدلب وشمال غربي سوريا منذ سنوات، لكنها باتت منتشرة أكثر بالقرب من المخيمات.

وتسبب تلك المعامل للسكان العديد من المشاكل الصحية والبيئية في ظل الكثافة السكانية العالية التي تشهدها هذه المخيمات.

ويعاني أطفال “العامر” من السعال المستمر وضيق التنفس، ضعف عام في الجسم، فقدان الشهية، غثيان، وغيرها من الأعراض التي تزامنت مع افتتاح أحد معامل تدوير البلاستيك قرب خيمته منذ شهرين.

كما وأُصيب العديد من الأشخاص في تلك المخيمات بأمراض تنفسية مختلفة كالربو، والحساسية، والتهاب الرئتين والتهاب القصبات، إضافة لأمراض جلدية وتحسسية أخرى.

إصابات بالمئات

يقول محمد خير الله(57عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات أطمة شمال إدلب، إنه لم يعد يشمّ غير روائح الدخان والنايلون التي تؤرق حياته، كونه مصاب بمرض الربو سابقاً.

ويضيف أنه بدأ يعاني من مضاعفات مرضية خطيرة، فالدخان المنبعث من المعمل يسبب له ضيق تنفس وحالة من الاختناق في بعض الأحيان.

ولا يخفي الرجل رغبته في تغيير مكان إقامته إلى مخيم آخر بسبب المصنع.

ووفقاً لناشطين إعلاميين، يتواجد في مخيمات إدلب، قرابة 36 معملاً لصهر وإعادة تدوير النايلون والبلاستيك.

وتسببت هذه المصانع برحلة نزوح ثانية لبعض سكان تلك المخيمات باتجاه مناطق بعيدة، وسط غياب تام للرقابة الصحية على المعامل، التي زادت معاناة النازحين، بحسب الناشطين.

وخلال الشهرين الماضيين، وثق المركز الصحي في بلدة دير حسان قرابة 720 طفلاً مصابين بمتلازمات ومشاكل تنفسية، 40 بالمئة منهم يعانون من التلوث الهوائي.

وبحسب الطبيب زكور المحمد العامل في إحدى العيادات الطبية القريبة من منطقة المخيمات، فإن الروائح والدخان المنبعث من هذه المعامل يسبب انخفاض وظائف الرئة لدى الإنسان، بالإضافة إلى ارتفاع حالات السعال الجاف بين الأطفال وتهيج الجهاز التنفسي.

كما ويمكن أن يفاقم حالات الربو والتهاب الشعب الهوائية لدى المصابين.

ويؤثر غاز أول أكسيد الكربون المنبعث منها على القلب والأوعية الدموية، والجهاز العصبي، وفقاً للطبيب “المحمد”.

محسوبون على الإنقاذ

وبالرغم من مطالبة الناشطين والسكان بمنع إنشاء معامل البلاستيك بالقرب من مخيماتهم، وترحيل تلك القريبة منهم لأماكن بعيدة عن الأماكن السكنية، لكن طلباتهم لم تتحقق إلى الآن.

ويقول  النازح “خير الله”: “ما حدا عم يرد علينا وعلى شكاوينا”.

ويشير إلى أنه قدم عدة شكاوى للجهات المعنية لنقل معمل تدوير البلاستيك القريب من مخيمه إلى منطقة مكشوفة بعيداً عن المناطق السكنية، ولكن جميع مطالباته لم تلقَ آذاناً صاغية.

وأشار تركي الفيصل، وهو صاحب معمل تدوير بلاستيك في مخيم الصمود بالقرب من بلدة دير حسان شمال إدلب، إلى أن عشرات المعامل الصناعية أنشأت بالقرب من مخيمات النازحين في الآونة الأخيرة وبموافقة أمنية.

“لا يستطيع أحد إجبارهم على نقل معاملهم، كونهم محسوبين على قيادات في حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام ( جبهة النصرة سابقاً)”، بحسب “الفيصل”.

لكنه تفاجئ بمطالبته بنقل معمله على الرغم من أنه افتتحه منذ أربع سنوات، “أي قبل تشكل المخيمات العشوائية المجاورة للمعمل”.

ويقول “الفيصل”، إن العديد من المخيمات أحاطت بمصنعه، بعد أن أنشأه بمدة، حيث بدأ سكان هذه المخيمات بمطالبته بإغلاق مصنعه أو نقله إلى مناطق غير مأهولة بالسكان.

ويضيف أن عملية نقل المصنع ستؤدي إلى خسارة وصفها بـ”الكبيرة”، ما سيهدد بتوقفه عن العمل لما تحتاجه هذه الخطوة من تكاليف وأموال لا قدرة له على تسديدها.

إعداد: سمير عوض_تحرير: ريبر جزيري