إدلب – نورث برس
بدأ مزارعو الرمان في منطقتي دركوش وحارم شمال غرب محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، مؤخراً جني محصول ثمار الرمان والتي تمتد حتى نهاية العام الجاري، وسط مخاوف من التعرض لخسائر نتيجة الفائض الكبير في الإنتاج وانخفاض أسعاره في السوق المحلية.
وتعتبر منطقتي حارم ودركوش الحدوديتين مع تركيا من أكثر وأشهر المناطق بزراعة الرمان في إدلب وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة في دركوش لوحدها ما يزيد عن ألفي دونم، حيث تتوفر مقومات الزراعة من مياه وتربة خصبة ومناخ ملائم لنمو الأشجار.
وتقدر أعداد الأشجار في منطقة دركوش ما يزيد عن 110 آلاف شجرة مثمرة، وتنتج سنوياً ما بين ألفي طن وخمسة آلاف طن، بحسب مزارعين.
وللرمان عدة أصناف في المنطقتين من أشهرها وأكثرها مبيعاً هي صنف العصفوري لأنه، وبحسب مزارعين، يتميز ببذور ناعمة وطعم حلو مميز، إضافةً إلى صنف اللفان القريب من الحموضة، والصنف الحامض والصنف الفرنسي المدخل.
وتوفر زراعة الرمان التي شهدت خلال الأعوام الماضية تراجعاً في مساحة الأراضي المزروعة وخاصة في منطقة دركوش نتيجة الزحف العمراني، فرص عمل كثيرة لسكان المناطق الريفية في أوقات القطاف والتقليم أو عبر صناعة دبس الرمان.
أسعار منخفضة
ويقول عبد الملك دبل وهو مزارع من منطقة دركوش إن موسم الرمان هذا العام كان أشبه “بالفيضان” من حيث الكمية، حيث تقدر كمية الإنتاج الأولية بنحو 6000 طن في دركوش وحدها، وهو ما انعكس سلباً على أسعاره التي وصلت إلى ما دون النصف ليرة تركية.
ولا يتجاوز الكيلوغرام من أفضل أنواع الرمان الـ5.2 ليرة تركية (900 ليرة سورية)، في حين أن سعر كيلوغرام الأصناف الأخرى يقل عن نصف ليرة تركية.
ويرى مزارعون أن إغلاق المعابر مع مناطق سيطرة القوات الحكومية وعدم تمكنهم من تصدير المحصول إلى الدول المجاورة، سبباً في انخفاض الأسعار.
وخلال الأعوام الماضية، سيطرت قوات الحكومة السورية وبدعم جوي روسي على جميع المعابر التي كانت تصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة المعارضة السورية، ما أدى لإغلاقها.
وفي أيار/ مايو 2019 سيطرت القوات الحكومية على مدينة ومعبر قلعة المضيق غرب حماة، كما سيطرت على كامل مدينة ومعبر مورك شمال المحافظة نفسها في آب/ أغسطس 2019.
وفي شباط/ فبراير 2020 سيطرت أيضاً على آخر المعابر وهو معبر العيس جنوب محافظة حلب، ومنذ ذلك الوقت امتنعت فصائل المعارضة السورية عن افتتاح أي معبر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، على الرغم من الضغوطات الروسية التي تطالب بفتح معابر سراقب في إدلب وميزناز غرب حلب وأبو الزندين شمالها.
تكاليف كبيرة
ومنذ أربعة أعوام، قام بعض المهتمين بالشأن العام في منطقة دركوش بإقامة مهرجان الرمان في المدينة، وكان الهدف منه وبحسب قول “دبل” لفت أنظار التجار والعالم إن أمكن إلى رمان دركوش لعله يكون هناك باباً يفتح لتصريف المنتج.
لكن “دبل” أشار إلى أن “إدارة المنطقة وضعت يدها على المهرجان وقامت بتسيّسه فتراجع المهرجان”.
ويقول يونس النعسان (46 عاماً) وهو مزارع من مدينة حارم إن قيمة سعر مبيع الرمان لا تغطي “التكاليف الكبيرة للإنتاج، “لم يعوض المحصول هذا العام ما صرف عليه من أجرة يد عاملة وتقليم وسقاية ونقل ورشه بالمبيدات الحشرية والفطرية وغيرها”.
وقبل الحرب، كان إنتاج حارم ودركوش من الرمان يتم تصديره إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية الحالية ومن ثم إلى دول العراق والخليج.
ويقول مزارعون ممن التقت بهم نورث برس، إن بقاء الأوضاع على ما هي عليه تدفعهم للتفكير باقتلاع أشجار الرمان التي يعود تاريخها إلى نحو نصف قرن وبيعها حطباً “للتخلص من المصاريف والأسعار المزرية التي لم تعد تتناسب نهائياً مع الدخل”.
وبحسب “النعسان” فإن تكلفة الدونم الواحد ما بين سقاية وعناية ومتابعة حتى قطافه، تجاوزت الـ 100 دولار أميركي أي ما يقارب (350 ألف ليرة سورية)، إذ أن محصول الرمان يحتاج للري مرتين في كل أسبوع.
كما أن أسعار مادة المازوت “مرتفعة جداً” وتصل إلى نحو 175 دولاراً للبرميل الواحد (620 ألف ليرة سورية).
ويضيف “النعسان”: “خرجنا هذا العام بخسائر كبيرة، أسعار الرمان هذا العام كانت الأسوأ على الإطلاق”.