مدينة شهبا الأثرية في السويداء بلا سيّاح منذ بداية الحرب
السويداء- نورث برس
يقول باحثون في علم الآثار إضافة لسكان في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، إن الحركة السياحية الخارجية والداخلية إلى مدينة شهبا الأثرية بريف السويداء الشمالي متوقفة تماماً منذ اندلاع الحرب في سوريا.
وتبعد شهبا 18 كم إلى الشمال عن مدينة السويداء و85 كم عن دمشق، وتعد من أكثر المدن السورية العامرة بالآثار الرومانية.
وقبل 2011، أي قبل اندلاع الحرب في سوريا، كانت حركة السياحة إلى المدينة الأثرية من قبل السياح الأجانب والعرب، بحسب باحثي آثار، “جيدة نسبياً” رغم الخدمات السياحية المفقودة وغياب التخديم التحتي لها وشح الدعم المالي الحكومي اللازم لإعادة إحياء هذا التراث.
وتحوي محافظة السويداء 400 موقع أثري مسجل من قبل مديرية الآثار والمتاحف في المحافظة، إضافة إلى عشرات المواقع الأخرى غير المسجلة.
وتعتبر السويداء، بحسب منظمة اليونسكو، منطقة غنية بالمواقع والمعالم الأثرية التي يعود تاريخها للحقبة البرونزية حتى العهد الإسلامي مروراً بالرومانية والبيزنطية .
ويقول محمود نجم (60 عاماً) وهو اسم مستعار لمؤرخ وباحث أثري من سكان مدينة السويداء، فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن المدينة الأثرية بعد انطلاق الحرب السورية، “باتت مهملة أكثر مما كانت عليه من قبل الحكومة السورية ومديرية السياحة”.
لا ترميم
وشيدت شهبا بين عامي ٢٤٤- ٢٤٩ ميلادي أي بما ينوف عن ١٧٥٥ عاماً مضت، وفقاً للباحث الأثري.
وسميت هذه المدينة آنذاك بـ”مدينة فيليبوبوليس” كناية للإمبراطور الروماني والذي ينحدر منها وأطلق عليها فيما بعد وعلى لسان السكان المحليين ومنذ مئة عام اسم “مدينة فيليب العربي”.
ويشير الباحث الأثري إلى أنه مع بداية الألفية الثانية، طالب “الفاتيكان”، الحكومة السورية بإعادة ترميم المدينة الأثرية وإعادة إحيائها من جديد تحت إشراف منظمة “الإسكوا” للتراث العالمي وذلك بإخراج السكان المحليين خارج أسوار المدينة القديمة وتعويضهم مالياً.
ولكن وبحسب “نجم” تم رفض المقترح من جانب الحكومة السورية “دون معرفة الأسباب”.
وبحسب “نجم” فإن البوابات الأثرية لهذه المدينة بنيت للاحتفال بقدوم الإمبراطور الروماني “فيليبوبوليس” في زيارته المتكررة لها، وهي أربع بوابات تحد المدينة من أربعة جهات وماتزال قائمة حتى الآن.
وتضم شهبا بالإضافة إلى بواباتها الأربع، المسرح الروماني والحمامات الرومانية والقلعة القديمة والمعابد والكليبة (المعبد الامبراطوري).

البوابات الرومانية
وتم تشيد مسرح شهبا الأثري على سفح تلة بنيت عليها ملحقات المسرح من حُجرات وممرات بداخله تتبع له ويتألف المسرح من منصة لها ثلاثة مداخل نقشت وزينت بالمحاريب ويبلغ قطر المنصة ٤٣ متراً ويتألف من طابقين وأمامه فسحة من البلاط الروماني تتسع إلى ١٥٠٠ متفرج.
ويقسم رواق المسرح إلى قسمين الأول للتمثيل والآخر للجمهور.

الحمامات الرومانية
عمليات تنقيب
ويرى الباحث الأثري أنه “كان من الضرورة بمكان وحرياً على مديرية السياحة الحكومية إنعاش السياحة الداخلية كحد أدنى ولو اقتصرت على سكان السويداء الذين في قسمهم الأكبر يجهلون تاريخ تلك الكنوز الأثرية والحواضر الهامة في تاريخ الإنسانية القابعة في مناطقهم”.
وطالب المجتمع المحلي والأهلي في مدينة شهبا وعموم السويداء، بضرورة تنشيط السياحة المحلية إليها وتشجيع الشباب لزيارتها من خلال تشكيل لجان محلية وأهلية مهتمة بالآثار وتاريخ المنطقة.
وتعرضت آثار المدينة، بحسب محمود السومري (45عاماً) وهو اسم مستعار لخبير آثار، إلى عمليات تنقيب قبل عام ٢٠١١ وخاصة شرق البوابات الرومانية المدخل الجنوبي لمدينة شهبا من قبل “مجموعات مجهولة”.
وطالت عملية السرقة أحجاراً رومانية منقوش عليها رموز ورسومات رومانية وبلغ عدد الأحجار الرومانية التي تمت سرقتها ثمانية، وفقاً لما ذكره “السومري”.
وذكر “السومري” الذي يتحدر من مدينة شهبا أنه بعد عام ٢٠١١ تعرضت الحمامات الرومانية في المدينة إلى عمليات “تخريب وتنقيب غير مشروعة بحثاً عن لقى أثرية وتهديم أحد أساسات تلك الحمامات القريبة من المسرح”.
وتم نقل مجموعة من الأحجار الكبيرة داخل الحمامات إلى “أماكن مجهولة”، بحسب “السومري” الذي رأى أن غياب الحراسة الحكومية على تلك الآثار وإهمال وتراخٍ في تأمين الحماية الضرورية لها، كان السبب في ذلك.