أعزاز- نورث برس
يشتكي سكان في مدينة أعزاز وريفها شمال حلب، شمالي سوريا، من التعامل بالليرة التركية وتأرجح سعر صرفها وعدم ثباته مقابل الدولار، الأمر الذي أدى لتفاقم الوضع المعيشي للسكان، حيث انعكس ذلك التذبذب على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والتي باتت، “لا تتماشى” مع المدخول الشهري لمعظم العائلات.
وفي حزيران/يونيو من العام الماضي، صدر قرار من حكومتي السورية المؤقتة والإنقاذ بفرض التعامل بالعملة التركية في البيع والشراء بدلاً من الليرة السورية.
ومنذ الأشهر الأولى من بدء التعامل بالليرة التركية في مناطق شمال غربي سوريا، ظهرت تداعيات سلبية للقرار، لا سيما بالنسبة لعمال وأصحاب دخل محدود يتحملون تذبذب وتفاوت أسعار الصرف.
ويقول مأمون الحابون (35عاماً) وهو اسم مستعار لمعلم في أعزاز، إنه كان يتقاضى في بداية التعامل بالليرة التركية شمال حلب، مبلغ 500 ليرة تركية (ما يقارب 130 دولاراً أميركي حينها).
ولكن ومع انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، باتت قيمة راتب المعلم تبلغ ما يقارب الـ80 دولاراً، ترافق معها ارتفاع الأسعار في المدينة، “دون رفع أجورنا ليتماشى مع الواقع الحالي”، بحسب “الحابون”.
ويشير المعلم إلى أن راتبه حالياً لا يكفي لأكثر من عشرة أيام نتيجة غلاء كافة الأسعار من الخضراوات والمواد الغذائية.
وترتبط أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، بسعر صرف الليرة التركية.
وأصبح أي انخفاض يلحق بالليرة التركية يعتبر عاملاً أساسياً في ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد، بينما لا تتأثر عادة عند أي تحسن في العملة.
انخفاض القيمة الشرائية
وسجلت الليرة التركية، الأربعاء، 9.3 مقابل الدولار الأميركي الواحد، بينما تعادل الليرة التركية الواحدة 382 ليرة سورية.
وقبل نحو أسبوع، كان سعر صرف الليرة التركية 8.82 مقابل الدولار، في حين كانت خلال الأشهر الماضية 7.539 مقابل الدولار الأميركي الواحد.
ويقول سمير المحمود (38عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب محل تجاري في أعزاز إن تدهور سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار أدى إلى انخفاض القيمة الشرائية للسكان بشكل عام.
ويشير “المحمود” إلى أنه يلاحظ “الفرق الكبير” للأسعار مع كل انخفاض لليرة التركية، “أسعار كافة المواد ارتفعت أكثر من 50 بالمئة”.
وقبل نحو شهرين، كان سعر الكيلوغرام من الأرز يباع في أعزاز بأربع ليرات تركية، ليرتفع في الأيام الماضية إلى ستة ليرات.
وكذلك سعر الكيلوغرام من السكر كان يباع بـ 4.5 ليرة تركية، ليصل سعره إلى ستة ليرات وهو في ارتفاع مستمر.
فيما ارتفع سعر لتر الزيت النباتي من 12 ليرة تركية إلى 16 ليرة.
ويسكن في مدينة أعزاز وريفها ما يقارب الـ100 ألف شخص ما بين سكان ونازحين يعتمد جلهم على مداخيل من أعمال يومية، ليبحثوا في أسواق المدينة على مواد غذائية واحتياجات أساسية تتناسب مع أجورهم.
“تلاعب بالصرف”
وتستمر شاحنات معبئة بالخضراوات والفواكه والمواد الغذائية الأساسية بالدخول إلى المدينة قادمة من تركيا عبر معبر باب السلامة قرب بلدة سجو شمال حلب.
بينما تنقطع السبل مع أراض زراعية أخرى في أرياف حلب الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية.
وترى سمر الإبراهيم (32 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة من ريف إدلب وتسكن في أعزاز أن “التلاعب بالصرف من قبل التجار وأصحاب محلات الصرافة وتفاوت الأسعار في المحلات التجارية، هو ما يحمل السكان فوق طاقتهم”.
وتشير إلى أن التجار والصرافين لا يلتزمون بسعر الصرف “النظامي”، وهو ما يؤدي، بحسب قولها، “لاختلاف الأسعار من بائع إلى آخر”.
ولم ينكر محمود سعيد وهو اسم مستعار لصاحب محل صرافة في أعزاز، وجود تجار معظم تعاملهم مع البضائع الأجنبية أو التركية على حد سواء بالدولار الأميركي، “فيقومون بعملية التصريف للسكان في محلاتهم وغالباً يتلاعبون بسعر الصرف وفقاً لهواهم ومصالحهم”.
لكنه يقول إنهم كصرافين يتعاملون بسعر صرف واحدة متفق عليه فيما بينهم، “وذلك بما يتناسب مع العرض والطلب لسعر الليرة التركية”.
ويضيف “سعيد” أن معظم السكان يلجؤون للصرف عند التجار “بحكم أن غالبية الصرافين يقومون بإغلاق محالهم مع غروب الشمس خوفاً من التعرض للسرقة أو الخطف في ظل الفلتان الأمني في المنطقة”.