أقدم أسواق السويداء يشهد تراجعاً في عدد الزبائن وحركة العمل

السويداء- نورث برس

يشهد سوقا “الحمزات” و”القمح” في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، تراجعاً في حركة البيع والشراء وعدد الزبائن والزوار، لأسباب أرجعها أصحاب محلات إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان وعدم توفر كل المواد التي كانت تتواجد في السوقين سابقاً.

ويُعتبر سوقا “الحمزات” و”القمح”، من أقدم الأسواق في السويداء القديمة وتأسسا منذ بداية أربعينيات القرن الماضي من قبل أخوين يتحدران من السويداء.

ويضم السوقين حالياً 60 محلاً تجارياً وتعد الأسعار في تلك المحلات أقل عن مقارنة بباقي الأسواق بنسبة تتفاوت بين ١٠ و١٥%، لكن عدم توفر جميع المواد أدى إلى شح زوارها، بحسب أصحاب محلات.

وتباع التوابل والبهارات بكافة أنواعها والقماش والصابون وكافة أنواع خيوط الحياكة في سوق “الحمزات”، فيما تتوفر في سوق “القمح” المحاذي لسوق “الحمزات” كافة أنواع الحبوب والأجبان والألبان والبيض والسكر وكل ما يتعلق بالمواد الأساسية من مستلزمات تتعلق بالمطابخ والحمامات.

وفي الماضي، وبحسب أصحاب محلات، فإنه كان يتم تأمين جميع أنواع البضائع والتي كانت مفقودة في بقية الأسواق الأخرى كالتوابل بكافة أنواعها والمستلزمات المنزلية والتي وفرت على السكان في المدينة وأريافها مشقة الذهاب إلى دمشق لتأمينها.

يقول محمود حمزة (70عاماً) وهو أحد مالكي أقدم محل تجاري في السوقين، (الحمزات والقمح)، إن السوقين في الماضي كانا مقصداً لكل سكان الجبل وأن فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضي كانتا الفترة الذهبية لهذه الأسواق القديمة وقبلة لكل سكان السويداء والمنطقة الجنوبية على النقيض مما يحصل الآن.

ويشير إلى أن العلاقات والتعامل مع السكان وزبائن هذه الأسواق كانت قديماً تتسم باللطف والدماثة والمحبة بين التجار والسكان.

ويضيف: “العلاقات سابقاً كانت تتحلى أيضا بالدفء والود بين البائع والمشتري والتي لا تخلو من إطلاق النكات المحببة  والتندر ما خلق جواً من الألفة والوداد والراحة في هذه الأسواق العريقة”، بحسب تعبيره .

وبمرور عشرات السنين، مازالت هذه الأسواق تتوارث مهنها من الأجداد إلى الأبناء فالأحفاد والذين حافظوا على مهن أجدادهم ولم يتخلوا عنها أو يفرطوا فيها.

ويتمنى “حمزة” من أبناءه الثلاثة “عدم التفريط أو ترك هذه الأسواق القديمة أو تحويلها إلى عمارات وأبراج اسمنتية تشوه تلك الأسواق التراثية، والتي مازالت حاضرة حتى الآن، وتزيل عنها رائحة الأجداد العطرة والأبنية البازلتية الرائعة”.

وبالرغم من تراجع حركة العمل، ما زال سلمان البدعيش (79عاماً) وهو أحد التجار وصاحب محل في سوق “القمح” يحتفظ بمحله الخاص ببيع الحبوب والذي ورثه عن والده.

وكان جد “البدعيش”، وفقاً لما ذكره لنورث برس، يجلب الحبوب من سهل حوران الغني آنذاك بكافة أنواع البقول.

ويرى “البدعيش” أن للأسواق القديمة والتراثية قيمتها المعنوية الكبيرة في العديد من الدول والتي استثمرت بها وشجعت حكوماتها إلى إعادة إحياء تلك الأسواق عبر إحداث مهرجانات تسوق بداخلها لتسليط الضوء عليها وجذب السياح.

لكن “على نقيض حكومتنا في دمشق التي اعتنت بأسواق العاصمة فقط بشكل نسبي وأهملت باقي الأسواق على امتداد الجغرافيا السورية”.

ويطالب الرجل السبعيني، عائلات السويداء الكبيرة وخاصة ممن يعيشون في المدينة، إلى إعادة الحياة للسوقين عبر تنشيط الفاعليات التسويقية ودفع الأجيال الجديدة إلى التعرف عليها من جديد.

بالإضافة للحفاظ عليها من “الهجمة العمرانية والعشوائية الشرسة التي شوهت كل ما هو جميل في مدينة السويداء القديمة”، بحسب تعبيره.

إعداد: سامي العلي – تحرير: سوزدار محمد