محللون سياسيون وعسكريون: سعي تركيا لدمج تحرير الشام مع الجيش الوطني صعب
إدلب- نورث برس
قال محللون سياسيون وعسكريون في مناطق سيطرة المعارضة السورية في إدلب، الأربعاء، إن سعي تركيا لدمج هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مع الجيش الوطني السوري المعارض، لإزالتها من قائمة “الإرهاب” أمر أقرب “للمستحيل”.
وكشفت مصادر عسكرية خاصة، لنورث برس، عن قيام فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا بإدخال مجموعات تابعة له إلى مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) بريف إدلب الجنوبي وريف حلب الغربي.
وقالت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها، إن إدخال تلك المجموعات تمت بالتنسيق مع هيئة تحرير الشام، والتي قامت أيضاً بإدخال عدة مجموعات تابعة لها إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني شمال حلب.
وأضافت المصادر أن “عشرات المقاتلين من فصيل الجبهة الشامية وفصائل أخرى، وصلوا مؤخراً إلى مناطق سيطرة الهيئة في إدلب”.
وتركزت معظم نقاطهم في بلدة كفركرمين غرب محافظة حلب، إضافةً إلى نشر عشرات العناصر على خطوط التماس مع قوات حكومة دمشق جنوب وشرق إدلب، وفقاً للمصادر.
وتسلمت تحرير الشام عدة مقرات في منطقة كفرجنة بريف مدينة عفرين شمال حلب، بعد تنسيق مع فصائل الجيش الوطني والقوات التركية، وفقاً للمصدر.
إيحاءات
ومطلع الشهر الجاري كشفت مصادر معارضة موالية لتركيا في إدلب، لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، أن تركيا أعلنت عن نيتها في الانتشار في ريف إدلب الجنوبي، حيث تتمركز هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).
ولم تعلق هيئة تحرير الشام التي تسيطر على إدلب على الخبر حتى الآن.
وأشارت المصادر إلى أن “المساعي التركية الجديدة حول مناطق خفض التصعيد ومنطقة “إم فور″، وفي هذا التوقيت بالتحديد، مجرد مناورة من “نظام أردوغان” هدفها الإيحاء بأنها إحدى مخرجات قمة سوتشي التي تنال رضا روسيا”.
ونهاية أيلول/ سبتمبر الماضي، اختتم الرئيسان الروسي والتركي، محادثات تناولت الحد من تجدد العنف في شمال غربي سوريا وإمكانية التوسع في مبيعات النظم الدفاعية الروسية لأنقرة رغم الاعتراضات الأمريكية.
ونفى يوسف حمود الناطق الرسمي باسم “الجيش الوطني السوري” والذي يعتبر من أكبر التشكيلات في مناطق شمال حلب، وثاني أكبر التشكيلات العسكرية في شمال غربي سوريا لنورث برس، انتشار قوات تابعة للجيش الوطني في إدلب وقوات تابعة لتحرير الشام في ريف حلب.
كما وتواصلت نورث برس، ومنذ أيام مع مدير العلاقات الإعلامية في هيئة تحرير الشام ” تقي الدين عمر”، للاستفسار عن الأمر إلا أنها لم تتلقَّ أي رد.
وفي الرابع من الشهر الجاري، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تركيا لتسريع إنجاز “الهدف النهائي” في إدلب.
وشدد لافروف، خلال مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره المصري سامح شكري، على أن بلاده تشدد على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقيات بين الرئيسين بوتين وأردوغان، “لعزل الإرهابيين، خصوصاً تحرير الشام مهما حاولوا تغيير لباسهم”.
مراوغة
قال المحلل العسكري الاستراتيجي أحمد رحال في تصريح خاص لنورث برس، إن “تركيا ومنذ زمن لديها مشكلة بكل مفاوضاتها مع روسيا وهي التخلص من التنظيمات الموضوعة على قوائم الإرهاب”.
وأشار رحال إلى أن تركيا “طالبت مراراً بعقد مؤتمر إقليمي دولي، لأن معظم عناصر هيئة تحرير الشام هم من حملة الجنسية السورية ولا يمكن طردهم من أرضهم”.
ولكن تركيا فشلت في مساعيها بإيجاد حل للعناصر الأجانب في صفوف الهيئة، بحسب “رحال”.
وأضاف أنه ليس بإمكان تركيا شن معركة ضد تحرير الشام في إدلب “لأن المنطقة ذات كثافة سكانية عالية، ولهذه المعركة تبعات خطيرة جداً”.
وتجهد روسيا لإحراج تركيا التي ليس لديها قدرة على التصرف في هكذا موضوع، لذلك تسعى اليوم لدمج تحرير الشام مع الجيش الوطني لتقول لروسيا إنها “حلت تحرير الشام”، بحسب “رحال”.
وأشار المحلل العسكري إلى أنه “ضد فكرة دمج هيئة تحرير الشام بفصائل الجيش الوطني، إلا في حال حلِّ الهيئة بشكل كامل واستبعاد الغرباء المتواجدين في صفوفها”.
ورأى أنه “إذا كان الموضوع مجرد دمج سيصنف الجميع على قوائم الإرهاب، حيث أن روسيا والأمم المتحدة ستقول إن هذا تغيير جلد وعلم ولم يتغير النهج والعقيدة”.
وأشار “رحال” إلى أن موضوع دمج التشكيلات العسكرية الكبرى في شمال غربي سوريا، كان على طاولة الحوار خلال الاجتماع الذي جمع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، “إلا أن الأمور لم تتضح حتى هذا اليوم”.
دمج
من جانبه قال مصطفى بكور الناطق الرسمي باسم “جيش العزة” العامل في إدلب، لنورث برس، إنه “ليس لديه معلومات مؤكدة عن عملية دمج هيئة تحرير الشام بالجيش الوطني”.
ولكن لم يستبعد “بكور” موضوع الدمج، واعتبره “أفضل الحلول بالنسبة لتركيا”، بحسب تعبيره.
وأضاف أنه “ليس من مصلحة تركيا حاليا إنهاء الهيئة وغيرها من الفصائل، وإنما مصلحتها تتوافق مع رغبة المجتمع الدولي بإنهاء الفصائل المصنفة إرهابية حتى لا تقف وحيدة بوجه الدول العظمى”.
وترفض روسيا هذا الإجراء، لأنها، وبحسب ” بكور”، “تريد إنهاء الفصائل الثورية تباعاً وليس دمجها مع بعضها لتصبح أقوى وأكثر تنظيماً وهي ترغب في إنهاء هيئة تحرير الشام، لأنها الأقوى حالياً على الأرض وتسيطر على إدلب ومحيطها”.
وقال إن بقاء الهيكلية التنظيمية لهيئة تحرير الشام دون تغيير في الوجوه القيادية والعقيدة القتالية، “في الحقيقة يجعل الدول تنظر إليها في حال اندماجها مع الجيش الوطني على أنها تراوغ لتحوز على قبول دولي ولا يغير سياستها”.
وأضاف “بكور” أنه “بالنسبة لروسيا فهي تنظر إلى كل معارض للأسد على أنه إرهابي، يجب القضاء عليه وقد صرح بذلك لافروف مرات عدة خلال السنوات الماضية”.