الشمال السوري.. إصرار تركي على استكمال العملية وسط وضع لم تحسمه الاتفاقات
NPA
تتواصل التهديدات التركية باستكمال العملية العسكرية في شمال شرقي سوريا، بينما تصرُّ روسيا على ضرورة الإسراع في الحوار بين الكرد ودمشق، حيث يرى معارض سوري أن تركيا تبدو مصرة على استكمال عمليتها العسكرية، بينما يوضح خبير بالشأن التركي أن الوضع في شمال شرقي سوريا لم تحسمه الاتفاقات التي أبرمت بين الأطراف (تركيا ـ روسيا ـ أمريكيا).
القاسم المشترك
أوضح المعارض السوري كمال اللبواني، في حديثه لـ"نورث برس" أن تركيا تبدو مصرة على مسعاها لفرض /30/ كم تحت مسمى "منطقة آمنة"، معتبراً أنه "في حال لم تلتزم روسيا بتسليم هذه المنطقة لها فإنها ستنفذ خطتها بالقوة".
أمّا بالنسبة للموقف الروسي، فيرى اللبواني أنه يهدف للدفع بالكرد تجاه الحكومة السورية، وذلك للضغط على أمريكا للخروج من سوريا، "فأمريكا ترغب ببقاء الكرد إلى جانبها لكي تسيطر على آبار النفط وتمنع النظام من أن يقوى، وروسيا تريد الكرد في طرفها لكي يقوى النظام"، بحسب المعارض السوري.
في حين يرى الاستاذ الجامعي محمد نورالدين الخبير بالشأن التركي، أن "الوضع في شمال شرقي سوريا لم تحسمه الاتفاقات التي أبرمتها تركيا مع كل من أمريكا في 17 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي أو مع روسيا في 23 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي".
ويشير الخبير بالشأن التركي إلى أن هناك وبناءً على ما سبق، "العديد من النقاط في هذين الاتفاقين غير واضحة وهذه البنود مفتوحة على تفسيرات مختلفة وبالتالي هذه الاتفاقات تركت الباب مفتوحاً أمام كل طرف من أجل أن يعزز موقفه بشكل أو بآخر".
حيث "تحاول تركيا التي قيّدتها الاتفاقات (بمنطقة آمنة) بطول 120// كم وعمق /32/ كم بين المدينتين تل أبيض ورأس العين التي احتلتهما تركيا، وتطلع إلى أبعد من هذه المنطقة المحدودة وتسعى لبسط سيطرتها على كل المنطقة الحدودية".
ويضيف بأن "المواقف التركية تتقاطع مع المواقف الروسية بالنسبة للأزمة في سورية، لكن رغم ذلك مواقفهما لا تتطابق حول العديد من النقاط، منها الوضع في إدلب وحتى الوضع في شرق الفرات، حيث تنتقد روسيا العمليات العسكرية التركية والتوسع الذي تقوم به باتجاه العديد من المناطق التي فيها قوات كردية أو حتى المناطق التي فيه الجيش السوري لذلك كل طرف يحاول أن يسابق الوقت".
وبالنظر إلى ما سبق "فتركيا تحاول توسيع هيمنتها وسيطرتها الميدانية على الأرض، وروسيا تحاول دفع الكرد لموقف حاسم في التعامل مع الدولة السورية وبالتالي التنسيق معها"، بحسب رأي نور الدين، الذي أوضح أيضاً من وجهة نظره "أن هذا التعاون بالنسبة لروسيا كفيل بتغيير موازين القوى وكذلك يشكل ورقة ضغط على تركيا لتدخل في العملية السياسية في وقت لاحق".
حقيقة الموقف الأمريكي
وحيال الصمت أو التغاضي الأمريكي تجاه العملية العسكرية التركية في شرق الفرات، يعتقد المعارض السوري كمال اللبواني أنّ أمريكا "لا تستطيع التضحية بعلاقاته مع تركيا من أجل الكرد، كما لا ترغب أيضا بالتخلي عن الورقة الكردية بشكلٍ كبير، ويقول: "لهذا السبب تطرح أمريكا على الكرد أن يخرجوا من منطقة الـ/30/ كم في مقابل أن يبقوا في المناطق المتبقية، لكن فعلياً إذا خرجت القوات الكردية من هذه المنطقة فهي تخرج من معظم المدن الكردية الرئيسية وبالتالي الخروج من حاضنتها المجتمعية وبالتالي يتحول الكرد إلى لاجئين وهذا خطير جداً".
وتقاربت وجهة نظر اللبواني مع الخبير في الشأن التركي محمد نور الدين حيث يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد انسحبت بشكل جدّيّ وفعليّ من الشمال السوري واكتفت بمناطق آبار النفط بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية، "فأمريكا أولويتها الآن هي النفط لذلك سمحت لتركيا أن تتحرك كما تريد وربما يكون هناك اتفاق ضمني نتج عن لقاء ترمب/أردوغان في البيت الأبيض في 13 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، لترك الحرية للجيش التركي ليفعل ما يشاء في المنطقة الآمنة وما حولها على أن تغض تركيا بالمقابل النظر عن تعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع القوات الكرية في المناطق النفطية".
الخيارات المتاحة
يرى اللبواني أنّ الإدارة الكردية أمام إشكالية في اختيار موقفها وعليها أن تقرّر أيّاً من الحلفين ترغب (الأمريكي أم الروسي)، وهنا يطرح رأيه بقوله؛ "أفضّل أن يبقى الكرد في الحلف الأمريكي وأن لا يدخلوا في الحلف الروسي، وعندما يتحقق الحلّ السياسي سيرجع الكرد إلى مناطقهم التي هُجّروا منها لأن تركيا لا يمكنها البقاء في سوريا في ذلك الوقت ويجب على الكرد أن ينتظروا في المناطق التي نزحوا إليها لحين إخراج القوات التركية من سوريا".
كما يطلب من الكرد "أن يضغطوا على تركيا دبلوماسياً وسياسياً لمنعها من إحداث تغيير ديمغرافي كبير، لأن تركيا تخطط لنقل مليوني شخص إلى الشريط الحدودي".
ويتابع: "برأيي التوجّه للتحالف مع النظام يعطي مبرراً قوياً لتركيا لتستكمل خططها في التغيير الديمغرافي وبالتالي يتحصل عنه تغيير ديمغرافي في مناطق النظام أيضاً وهذا يصب في مصلحة النظام وبالتالي النظام رابح في كل الحالات".
أما وجهة نظر الاستاذ الجامعي محمد نورالدين الخبير في الشأن التركي، في هذا السياق، فكانت مغايرة لوجهة نظر اللبواني، حيث يرى بأنّ "اتفاق قوات قسد مع الدولة السورية بمسعى روسي ليس بهذه السهولة لكنه المخرج الوحيد بالنهاية للكرد لكي يحصّلوا بعض الحقوق ولكي يحافظوا على ما تبقى من وجودٍ مادي أيّ المناطق والمدن المتبقية بدلاً من أن يستولي عليها الجيش التركي ويُسكِنَ أحدا آخر فيها".
ويختم حديثه مع "نورث برس" بالقول "وهذا هو الحلّ الذي تسعى إليه روسيا، لكن استمرار بقاء الولايات المتحدة في شرقي سوريا في مناطق آبار النفط بالتعاون مع الكرد، لا يشجّع الدولة السورية على أن تدخل في اتفاقٍ وتفاهمٍ مع الكرد إلّا إذا كان أحد بنود الاتفاق هو تعاون الكرد مع الدولة السورية والتخلي عن الأمريكيين ودفعهم للانسحاب من مناطق شرقي سوريا، وبخلاف ذلك فإن الدولة السورية ستكون محرجةً جداً بالتفاهم مع الكرد في ظل استمرار تعاون الأخير مع أمريكا في مناطق آبار النفط".