ندوة في القاهرة عن (العلاقات العربية الكردية)

القاهرة ـ نورث برس

عقدت، أمس السبت، ندوة نقاش وتوقيع لكتاب (العلاقات العربية ـ الكردية)، للصحفي المصري فتحي محمود، في مقر معهد المخرج علي بدرخان للفنون السينمائية في القاهرة.

وتأتي الندوة التي حضرها عدد من الأكاديميين والدبلوماسيين الحاليين والسابقين ورجال صحافة وإعلام، في إطار نشاطات ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة.

وغلب على الندوة قلة تعمق الحضور في الاطلاع على القضية الكردية، فمعظم النقاشات تركزت حول قضايا، “هامشية”، من قبيل افتتاح معهد لتعليم اللغة الكردية، وجهود بعض المثقفين المصريين في شرح الأدب الكردي والفن الكردي.

كما تطرقت الندوة لضرورة تعريف العرب عموماً، والمصريين خصوصاً، بتراث الكرد وفنهم وأدبهم، رغم أن ممثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الملا ياسين، ذكر في مداخلته أنه تم افتتاح مركز لتعليم اللغة الكردية في الجامعات المصرية “ولكن التجربة لم يكتب لها النجاح”.

وأعاد “ياسين” السبب في ذلك إلى أن “أحداً لم يتقدم للتسجيل في المركز، وهذا أمر طبيعي، لأن اللغة الكردية ليست من اللغات العالمية الهامة التي تدفع بالشبان المصريين لتعلمها، شأنها في ذلك، مثلاً، شأن اللغة الهندية التي يبلغ عدد الناطقين بها نحو مليار نسمة، ومع ذلك لا تجد الكثير من المهتمين بتعلمها في بلد مثل مصر يتجه نحو تعلم اللغتين العالميتين الأكثر احتياجاً (الإنكليزية والفرنسية)”.

وتطرق مؤلف الكتاب، فتحي محمود، إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي دعم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للنضال الكردي في سبيل نيل حقوقه السياسية وحقه في تقرير المصير.

وما عنى ذلك، وفقاً للباحث “محمود” (ألا تعارض بين القومية العربية والقومية الكردية)، والدليل أن عبد الناصر زعيم القومية العربية كان من أشد الداعمين والمؤيدين للقضية الكردية.

كما أشار الباحث إلى أن أول جريدة كردية تصدر باللغة الكردية في مصر كانت أيام جمال عبد الناصر وكذلك الحال بالنسبة لأول إذاعة ناطقة باللغة الكردية.

وتحدث المخرج علي بدرخان عن محاولته في إخراج فيلم عن القضية الكردية. وأشار إلى أنه ظل يعمل سنة ونصف على إنجازه “ولكن العمل لم يكتمل” لأسباب لم يذكرها بدرخان.

وتطرق المخرج الكردي المعروف إلى نقطة هامة لم يعقب عليها أحد، وهي أن “الموضوع الكردي بحاجة إلى حوار مع الحكومات العربية أيضاً وليس فقط مع المثقفين العرب”.

ولكن النقاشات لم تدخل في عمق موضوع المسألة الكردية، واكتفى المتداخلون بملامسة القضايا التراثية والفنية والأدبية دون التطرق إلى المسألة الكردية سياسياً وحقوق الشعب الكردي.

بل لم تتم مناقشة هذا الأمر، ووقع من تطرق لهذا الجانب في خطأ السطحية وعدم المعرفة الكافية بالمسألة الكردية عموماً، وبدا الحديث وكأنه يتناول الهنود الحمر الذين شارفوا على الانقراض ووجوب الاهتمام بتراثهم وحمايته من الاندثار والانقراض أيضاً، لا عن شعب يزيد تعداده عن 60 مليون نسمة وينتشر في مساحة واسعة من المنطقة ومن حقه أن يكون له نشيده الوطني وعلمه الوطني وقراره الوطني.

وما عاب الندوة أيضاً، غياب النقاش بين المحاضر والجمهور الذي حضر بكثافة وكان راغباً في مناقشة الموضوع الكردي، حيث كثر الجالسون في المنصة والمعقبون بعد صاحب الكتاب، وكلٌّ يتحدث عن تجربته ودوره في تقريب الثقافة الكردية من الجمهور المصري، في حين كان ينبغي أن يتجه النقاش إلى موضوع أكثر أهمية على الرغم من أهمية الجانب الثقافي بالطبع.

وبالرغم من بعض الهنّات والأخطاء التي شابت جو الندوة إلا أنها على جانب كبير من الأهمية نظراً لعدد الحضور ومستوى الحاضرين والمتداخلين، إذ كان معظمهم من الأكاديميين والدبلوماسيين ورجال الإعلام، وهي خطوة غاية في الأهمية ليس لنشر الثقافة الكردية فقط وإنما لشرح أبعاد القضية الكردية على حقيقتها دون مواربة، وهي تؤسس لخطوات قادمة أكثر أهمية وأكثر تنظيماً.

إعداد: فؤاد حميرة