خبير في الشأن الروسي: تركيا تناور سياسياً ولن توقف عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا
NPA
بدأت تركيا تجريب منظومة (S-400) الصاروخية الروسية للدفاع الجوي، بحسب ما كشفت وكالة "بلومبرغ" للأنباء أمس الاثنين، عن مسؤول دفاع تركي. وبحسب خبير روسي، فإنّ هذا الأمر يعتبر مناورة سياسية جديدة من قبل تركيا.
وفي تصريح خاص لـ"نورث برس" قال الدكتور كريم مظفر الخبير في الشأن الروسي، إنّ الإعلان التركي عن البدء بتجريب منظومة (S-400) الروسية، جاء بعد إعلان وزارة الدفاع التركية الأخير بأنّ نظام صواريخ الدفاع الجوي الروسي الصنع سيتم تشغيله اعتباراً من نيسان/أبريل 2020، بعد اكتمال البطارية الثانية، كما يأتي أيضاً بعد طلب الولايات المتحدة الأمريكية من تركيا إتلاف المنظومة الروسية إذا أرادت الحفاظ على مصالحها مع أمريكا.
المناورات التركية
ورأى الخبير في الشأن الروسي أنّ الإعلان عن بدء التشغيل التجريبي، "ما هو إلّا مناورة سياسية جديدة من قبل تركيا، بغية الحصول على امتيازات أمريكية أوروبية، خصوصاً وأنّ التسليح التركي هو غربي، وأنّ المنظومة الروسية تتعارض مع المنظومات العاملة لدى الجيش التركي".
واعتبر أنّ تركيا متمرسة بشكل جيد في مناوراتها السياسية، وعادة ما تحتفظ لنفسها بأوراق تساعدها على المناورة السياسية، خاصة أنّ الملف السوري لازال على طاولة المفاوضات الدولية من جهة، وعلى طاولة الأطراف الرئيسية (روسيا ـ تركيا ـ إيران) من جهة أخرى، إضافة إلى أنّه لا تزال هناك مشاورات محتدمة بشأن إنهاء وجود المجاميع الإرهابية من الأراضي السورية.
وتلعب تركيا الدور المحوري، من خلال تأييدها للعديد من الفصائل المتواجدة في إدلب، على الرغم من وعودها المزعومة ولأكثر من مرة عن إمكانية حلّ تلك الفصائل وعدم مساندتها للمجاميع التي ترفض تسليم أسلحتها، بحسب الخبير في الشأن الروسي.
وحول سؤال "نورث برس" للخبير في الشأن الروسي عن مدى ارتباط بدء تركيا بتجريب تشغيل المنظومة، بإيقافها العملية العسكرية على شمال شرقي سوريا، أشار الخبير إلى أنّ "تركيا معروفة بمناوراتها السياسية، وتسعى إلى تحقيق منافع ذاتية، وتستغل تقاربها مع موسكو بشكل كبير، لذلك فإنّ بدء التشغيل التجريبي ليس له أيّ علاقة بوقف تركيا عملياتها العسكرية في سوريا، والتي جاءت أصلاً وفق تفاهمات تركية روسية، ومن ضمنها تسيير دوريات عسكرية مشتركة في شمال شرقي سوريا".
استئناف العملية
وأوضح مظفر بأن الروس يرجّحون استئناف تركيا عمليتها العسكرية "لأنّها لا تعتبر أنّ أهدافها قد تحققت، وهي عدم السماح بأيّ شكل أو صيغة لإنشاء دولة ذاتية الحكم، والهدف الثاني تخفيض عدد الكُرد السوريين الذين يمتلكون السلاح إلى الحدّ الأدنى والتي تقدر قوتهم اليوم بـ/63/ ألف مقاتل"، بحسب الخبير.
وحول ما إذا كانت منظومة الدفاع الروسية هي ورقة موسكو لردع تركيا كي توقف عمليتها العسكرية، نفى مظفر أن تكون هذه الورقة هي الوحيدة التي تستخدمها موسكو، مشيراً إلى أنّه لدى الأخيرة العديد من أوراق الضغط التي يمكن أن تمارسها على أنقرة، "وقد شاهدناها بعد إسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015".
بيع المنظومة
وأوضح أنّ موسكو باعت المنظومة وسلمتها بأسرع وقت، قبل العمليات العسكرية على سوريا، لأنّها كانت حريصة جداً على إتمام الصفقة أولاً، وعلمها المُسبق بمكان نصبها، ثانياً، إضافة إلى أنّها كانت تهدف إلى تحقيق عدة أمور، تتمثل في خلق شرخ في العلاقة بين الناتو وأنقرة، وبين الأخيرة والولايات المتحدة باعتبارها أحد الحلفاء الرئيسيين، وذات موقع جغرافي واستراتيجي مهم، وتتقاسم الحدود مع سوريا والعراق وإيران، إضافة إلى أنّ تركيا لعبت دوراً مهماً في الصراع السوري، حيث قدمت الأسلحة والدعم العسكري لبعض الجماعات المسلّحة المعارضة للحكومة السورية.
مصير الفصائل
زجت تركيا في عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا، بفصائل ما يسمى "الجيش الوطني" وفيما يخص هذه الفصائل في حال أوقفت تركيا عمليتها العسكرية، أشار مظفر إلى أنّه لن يحدث أيّ تغيير في موقف أنقرة تجاه هذه الفصائل على الأقل خلال الفترة القريبة القادمة.
وأكّد الدكتور كريم مظفر الخبير في الشأن الروسي، في نهاية حديثه مع "نورث برس" بأنّه وعلى الرغم من أنّ روسيا وعلى لسان قيادتها أكّدت أكثر من مرة أن صبرها لن يطول تجاه المجاميع المسلّحة في إدلب، وعلى تركيا العمل على إنهاء تواجدهم، لكن الأخيرة تحاول المناورة بهم لتحقيق أهدافها في الأراضي السورية، معتقداً بأنّ تركيا مستعدة للتخلي عن فصائل المعارضة المسلّحة في أيّ وقت، إذا ما اصطدم موضوع دعمها لهم مع مصالحها ومغانمها التي يمكن أن تحصل عليها في المستقبل.