سوريون يواجهون خطر الموت بسبب رفض مشافٍ تركية استقبالهم

إدلبنورث برس

يجلس مصطفى الحمدو (45عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا شمال إدلب، شمال غربي سوريا، على بوابة معبر باب الهوى الحدودية مع تركيا التي عاد منها لعدم تمكنه من الحصول على علاج مجاني في مشافيها.

يقول “الحمدو” إنه قضى عشرة أيام داخل الأراضي التركية متنقلاً بين المساجد والطرقات بعد رفض المشافي استقباله.

وقبل نحو شهرين، أوقفت تركيا منح المرضى السوريين بطاقة حماية مؤقتة (كيملك) والتي كانت تخولهم تلقي العلاج في المشافي التركية بشكل مجاني، وقدمت بدلاً عنها وثيقة أو بطاقة “سياحية علاجية” ومدة صلاحيتها شهر.

وتلزم الوثيقة الجديدة المريض بالعودة إلى سوريا كل شهر بسبب انتهاء مدة صلاحيتها، وهو ما يزيد من معاناة المرضى والتكاليف المترتبة عليهم، بينما كان المريض يستطيع تجديد وصل (كيملك) سابقاً من أي دائرة هجرة في الولاية التي يتعالج ضمن مشافيها.

وبحسب مرضى، فإن المشكلة الأكبر التي تواجههم في الوثيقة الجديدة هي عدم اعتراف المشافي التركية بها، حيث ترفض الأخيرة استقبال المرضى الذين يحملون تلك الوثيقة، وهو ما يجبرهم على تحمل تكاليف العلاج على نفقتهم الخاصة.

ولكن “الحمدو” والذي يعاني من كتلة سرطانية في العنق يحتاج لمبلغ 130 دولار أميركي لكل جرعة علاج، الأمر الذي اضطره للعودة إلى محافظة إدلب لعدم قدرته على تحمل نفقات علاجه في تركيا.

مرضى ينتظرون العلاج

ولعدم توفر العلاج الكيميائي لمرض السرطان في إدلب، يلجأ المرضى إلى تركيا لتلقي الجرعات، فيما يفضل آخرون وخاصة مرضى الأمراض المزمنة خيار العلاج في المشافي الحكومية التركية.

وبحسب محمد العبد الله (34 عاماً) وهو اسم مستعار لإداري في معبر باب الهوى الحدودي، والذي يفصل بين تركيا وسوريا، فإن قرار إلغاء منح “كيملك” واستبدالها ببطاقة “سياحية علاجية” للمرضى السوريين صدر من وزارة الداخلية التركية في منتصف آب/ أغسطس الماضي.

وأشار “العبد الله” إلى أن وزارة الصحة التركية والمشافي الحكومية لم تعترف بالوثيقة الجديدة، “أي أن الخلاف في هذا الموضوع هو  تركي ـ تركي”.


اقرأ أيضاً


فيما لم تعلق السلطات التركية على الإجراءات الجديدة والمطالبات بتسهيل إجراءات دخول المرضى السوريين حتى اللحظة، بحسب “العبد الله”.

وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، أصدر مكتب التنسيق الطبي في معبر باب الهوى تعميماً قال فيه إن “صدور نتائج الإحالات المرضية سيتوقف اعتباراً من الحادي عشر من الشهر ذاته وذلك حتى تفعيل العمل بالوثيقة الجديدة للمرضى السوريين في المستشفيات التركية”.

وبحسب تصريح سابق لمكتب التنسيق الطبي في معبر باب الهوى لإحدى وسائل إعلام المعارضة، فإن قرابة 300 مريض في الشمال السوري قاموا بتأجيل دخولهم إلى تركيا بانتظار تفعيل النظام الجديد وبسبب الضغط على دور الاستشفاء.

استسلام للمرض

ويقول رائد العبيدو (35عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، إنه بات مستسلماً لمرضه بسبب عدم إمكانية علاجه في إدلب، وتكلفة العلاج الكبيرة التي تفوق قدرته.

ويعاني “العبيدو” من كتل سرطانية في الرأس ويحتاج إلى “علاج فوري” وخاصة أن الأطباء حذروه من التضخم السريع لهذه الكتل التي قد تودي بحياته في أي لحظة، على حد قوله.

ويضيف أنه يحتاج إلى ثلاثة أشهر من العمل ليستطيع تأمين جرعة واحدة من الدواء اللازم، وخاصة أن أجره اليومي لا يتعدى 25 ليرة تركية أي ما قارب (عشرة آلاف ليرة سورية) وهي لا تكفيه ثمن بعض الخضراوات والخبز.

ويقول مرضى سرطان وحالات مستعجلة في إدلب إن بقائهم لفترة طويلة دون تلقيهم العلاج يزيد من تفاقم حالتهم الصحية، كما أن ارتفاع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة يرهقهم مادياً.

وتفرض تركيا قيوداً على دخول المرضى لأراضيها، إذ تم تخفيض عدد الحالات المقبولة يومياً من عشر حالات إلى خمسة فقط من مختلف الأمراض المزمنة والحروق والحالات المستعجلة.

ولم يكن حال رويدة الكليس (52عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مدينة إدلب أفضل حالاً من سابقيها، حيث لا تزال تحاول إجراء عملية قسطرة قلبية مجاناً في إحدى المشافي الحكومية التركية.

وتعجز “الكليس” عن إجراء العملية على حسابها الشخصي، “بسبب التكاليف المرتفعة للعلاج وسوء أحوالنا المادية”.

تقول المريضة، والتي تملك الوثيقة الجديدة، إنها اختارت البقاء داخل الأراضي التركية بعد عناء كبير، حيث اضطرت للانتظار ثلاثة أشهر حتى سمح لها بالدخول، وذلك على أمل تعديل القرار والرجوع إلى النظام العلاجي السابق.

إعداد: سمير عوض- تحرير: سوزدار محمد