ظروف أفرزتها الحرب تهدد مهنة تلو الأخرى في حماة

حماة- نورث برس

تخلّى طريف النعيمي (48 عاماً)، وهو اسم مستعار لنجار موبيليا في مدينة حماة وسط سوريا، عن مهنته التي ورثها عن أبيه ومارسها طيلة 15 عاماً بسبب كساد عمله.

وحوّل النجار ورشته إلى محل لبيع ألبسة الأطفال كي يتمكن من الحصول على دخل يلبي احتياجات عائلته.

يقول “النعيمي” إن نقص الكهرباء وغلاء الخشب والإسفنج والمواد الداخلة في صناعة الأثاث بالإضافة لارتفاع أجور، تسببت بغلاء القطع التي يصنعها.

وهو ما دفع سكان مدينته للتوجه نحو شراء الأثاث المستعمل بدل طلب الجديد.

أثمان باهظة

ويتوسط سوق النجارين مدينة حماة، بينما تتوزع ورشات أخرى لها في أحياء المغيلة وعين اللوزة وطريق حلب، ليبلغ عددها جميعاً حوالي 20 ورشة، بحسب نجارين في المدينة.

ويتراوح ثمن الأثاث الخشبي لغرفة بين ثلاثة ملايين و20 مليون ليرة سورية إلى العشرون مليون ليرة، وهو مبلغ كبير للغاية حتى لمتوسطي الدخل في المدينة.

وأصبحت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تعرض أدوات منزلية وقطع أثاث مستعمل وجهة زبائن “النعيمي”.

ومنتصف الشهر الفائت، حذر وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، من أن “الاحتياجات الإنسانية في سوريا أكبر مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ بدء الصراع في 2011”.

وقال غريفيث: “سوريا عالقة في دوامة الانحدار، وسيظل البلد مكاناً للمأساة طالما استمر الصراع، وستستمر الحاجة والمعاناة في الازدياد على المدى القريب.

ويقول سوريون إنهم استغنوا عن الكثير من احتياجات عائلاتهم ولوازم منازلهم بسبب التدهور المعيشي، وتخصيص الدخل للمواد الغذائية والأساسية للعيش.

واشترت لمى الهواري (35 عاماً)، وهي من سكان سكان حي الشرقية، أثاثاً خشبياً مستعملاً لغرفة جلوس، تقول إن ما يماثله من الجديد سيحتاج لمرتبها هي وزوجها لخمسة أعوام.

ولا تجد مشكلة في شراء المستعمل الصالح للاستخدام، “لكننا نضطر لشراء أثاث استخدم لأكثر من ثلاثة عقود”.

خبرات هاجرت

وقال عبد الرحمن اللغباني (41 عاماً)، وهو من سكان ضاحية أبي الفدا، إنه بحث شهراً كاملاً عن عامل صيانة أدوات كهربائية لإصلاح براده المعطل في المنزل.

وبعد يأس نقل البراد لشركة معتمدة، فدفع تكاليف النقل وأثمان القطع وأجور الصيانة مضاعفة.

يقول “اللغباني” إن أصحاب الورشات يقولون إنهم فقدوا عمالهم ذوي الخبرة بسبب الحرب والهجرة.

ويؤكد نوار الصليبي (53 عاماً)، وهو صاحب إحدى تلك الورشات في حي صلاح الدين، إن أكثر من تسعة عمال كانوا يعملون عادة لديه.

“جميعهم رحلوا لخارج البلاد هرباً من الخدمة العسكرية، ولم يبق إلا شاب واحد لا يمكنني إرساله للمنازل والعمل هنا دون مساعد”.

يقول صاحب الورشة إنه بحث كثيراً عن عمال آخرين وحاول تعليم شباب جدد لكنهم لا يلبثون أن يسافرون بمجرد بلوغهم سن الخدمة العسكرية الإجبارية.

“ونتيجة سوء وضع شبكة الكهرباء ازدادت أعطال الأدوات الكهربائية، بسبب آلية التقنين الحاد لشركة الكهرباء في حماة والتي تعتمد على تناوب القطع والوصل ما يسبب احتراق الأجهزة وتعطلها”.

ويضيف أن بعض المحال التجارية في حماة تعتمد على الفتيات لعدم مواجهة سفرهن، “ولكن من الصعب أن تعمل فتيات في تصليح الأجهزة الكهربائية المنزلية”.

إعداد علا محمد – تحرير: حكيم احمد