دمشق- نورث برس
يلجأ أصحاب سيارات في العاصمة دمشق وريفها لبيع أو شراء سيارات مستعملة في ظل ارتفاع أسعار الجديدة وقطعها وغلاء استئجارها، رغم ما يشكله ذلك من تكاليف ومخاطر أعطالها المتكررة.
ومؤخراً، روجت صفحات إلكترونية كثيرة لعروض بيع السيارات المستعملة في دمشق وضواحيها.
وقال سمير أبو عمار (45 عاماً)، وهو صاحب سيارة تكسي (كيا ريو) يعيش في أشرفية صحنايا جنوب دمشق، إن تضاعف أسعار قطع السيارات الجديدة وتكلفة البنزين الحر، دفعاه هو وغيره من السائقين لبيع سياراتهم الحديثة وشراء أخرى قديمة ومستعملة كبديل.
وأشار إلى أنهم يحاولون عبر فارق السعر بين السيارتين أن يعوضوا الخسائر التي تعرضوا لها في أعمالهم خلال العام.
ويعتقد سمير أن استخدام السيارات القديمة يسبب مشكلات كثيرة منها بطء التنقل وتكاليف تصليح الأعطال المتكررة وحتى أن بعضها قد يشكل مخاطر على حياة سائقها وركابها.
ويضيف: “ورغم أن السيارات القديمة المستعملة لم تسلم من ارتفاع الأسعار، لكن تبقى الخيار الأفضل مع ارتفاع سعر الجديدة، إذ اضطررت لشراء سيارة نوع (سابا) للعمل رغم قدمها ومشكلاتها الكثيرة”.
ويبلغ سعر سيارة متوسطة النوع والجودة (كيا ريو) مستعملة حوالي 50 مليون ليرة سورية، وسعر سيارة أقل جودة (سابا) 40 مليون ليرة سورية، بحسب سائقين.
“تجارة شبه متوقفة”
وخلال السنوات العشرة الماضية، تضاعفت أسعار السيارات الجديدة بشكل سريع ولمرات متتالية، وذلك بسبب الاستيراد أحياناً والاحتكار أحياناً أخرى، حيث تستورد سوريا من ثلاثة مصادر رئيسة، هي اليابان وكوريا والصين، بحسب سائقين وأصحاب مكاتب بيع وتأجير سيارات.
ويقول هؤلاء إن تجارة السيارات الجديدة “شبه متوقفة”، وشراؤها في العاصمة يقتصر على شريحة قليلة من السكان تستطيع دفع ما يتجاوز 100 مليون ليرة للحصول على سيارة جديدة من النوعيات المتوسطة الموجودة في السوق.
وأدى انهيار قيمة الليرة السورية وغلاء الأسعار بشكل كبير وتوقف عمل المناطق الصناعية واحتكار استيرادها، إلى تراجع حركة بيع وشراء السيارات الجديدة، بحسب أصحاب مكاتب البيع.
ويبلغ متوسط الرواتب في مناطق الحكومة السورية نحو 70 ألف ليرة سورية (ما يعادل نحو 20 دولاراً أمريكياً)، وسط تدهور الأوضاع المعيشية جراء الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية، وشح الوقود وارتفاع أسعاره.
ويذهب حسان الذيب (36 عاماً)، وهو صاحب مكتب بيع وتأجير سيارات في حي القنوات وسط دمشق، خلال حديثه لنورث برس، إلى أن انهيار سعر صرف الليرة السورية وتقلبه بشكل دائم أمام الدولار، يجبر التجار على إضافة نسبة ربح كبيرة.
“ونحاول عند التأجير أن تكون السيارة ممتلئة بالبنزين إرضاء للزبون، لكن هذه العملية تحتاج وقتاً واتصالات أكثر من تأجير السيارة نفسها”.
وبالنسبة للأجرة، يقول “الذيب” إن سعر تأجير سيارة نوع (كيا فورتي) جديدة لمدة ثلاثة أسابيع يبلغ نحو مليون ليرة سورية، “ونعتمد على السياح والمغتربين”.
أعطال مستمرة
وقال زايد المرتضى (32 عاماً)، وهو عامل صيانة يعمل على طريق المتحلق الجنوبي، إن الأعطال في السيارات المستعملة تحدث بنسبة عشرة أضعاف الجديدة.
وأضاف: “من الطبيعي أن أكون سعيداً الآن لزيادة العمل، لكن في سوريا القوانين الطبيعية للاقتصاد لا تعمل، إذ قدرتي على الصيانة محدودة جداً في ظل غياب شبه تام لكافة المواد والأدوات الضرورية”.
ويحد انقطاع الكهرباء وفقدان المازوت والبنزين من قدرة عمل “المرتضى” لعدم تمكنه من تشغيل أجهزة الرفع والفك والتركيب والضغط، فيبقى العمل باليد هو الحل الوحيد، بحسب قوله.
ويضطر من يعملون في بيع وصيانة السيارات، بحسب قول “المرتضى”، لدفع مبالغ كبيرة كرشاوى للحواجز على مداخل دمشق، وكذلك لدوريات المرور والجمارك عند مرور حمولات قطع الغيار.
وبحسب رضا جبر (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لمهندس ميكانيك وموظف في مديرية النقل العام، فإن السيارات المستعملة تشكل عدد المعاملات الأكبر في المديرية.
وذكر أن معظم السيارات المستعملة الموجودة في السوق استخدمت لسنوات طويلة وتعرضت للظروف الجوية والتصادمات في الطرق المهترئة، ما أفقدها جودتها وخصائصها اللازمة لعملها.