مخاوف نازحي عفرين بريف حلب الشمالي من الشتاء وسط استمرار الحصار الحكومي
ريف حلب الشمالي- نورث برس
مع اقتراب فصل الشتاء، تخشى شادية نجار (51 عاماً)، وهي نازحة من مدينة عفرين شمال غربي سوريا، أن تتكرر المعاناة التي عاشتها مع عائلتها خلال العام الماضي في مخيم برخدان بريف حلب الشمالي، بسبب عدم توفر مازوت التدفئة ومستلزمات الشتاء من لباس وسجاد وغيرها.
تقول إن النازحين في المخيم والمخيمات الأخرى، “قضوا أسابيع دون أن يتمكنوا من إشعال المدافئ” خلال الشتاء الماضي، بسبب قلة مخصصاتهم من المازوت.
وتشير إلى أن خيمتها تفتقر للسجاد والحصائر، حيث اضطرت لمد بطانيات رقيقة على الأرض للجلوس عليها، “نمر بظروف صعبة، نحن على أبواب الشتاء ولم نستلم مخصصاتنا من مازوت التدفئة حتى الآن”.
وتزداد مخاوف نازحي عفرين بريف حلب الشمالي مع اقتراب فصل الشتاء بسبب عدم تمكنهم من تأمين مادة المازوت ووسائل التدفئة نتيجة الحصار المفروض من قبل حواجز حكومة دمشق على المنطقة.
وفي العام 2018 عقب الغزو التركي رفقة فصائل المعارضة المسلحة، لجأ نحو 300 ألف شخص من نازحي منطقة عفرين للسكن في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
وبحسب إحصائية لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، فإن 2000 عائلة نازحة من عفرين تتوزع في المخيمات الخمسة، وحوالي 140 ألف شخص تسكن في القرى والبلدات.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، تمنع حكومة دمشق دخول الكميات اللازمة من محروقات والغاز والمواد الاستهلاكية والأدوية والطحين إلى مناطق ريف حلب الشمالي.
والشتاء الماضي، لم تسمح الحواجز الحكومية بالقرب من مدينة منبج بعبور المحروقات من مناطق الجزيرة إلى ريف حلب الشمالي، سوى مخصصات الدفعة الأولى التي لم تكفي العائلات النازحة.
“كارثة بحق النازحين”
وبحسب إحصاءات لجنة المحروقات التابعة للإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي، تحتاج العائلات النازحة وسكان المنطقة لنحو 300 برميل يومياً لتلبية احتياجات الوقود للقطاع الخدمي من تشغيل مولدات الكهرباء (الأمبيرات) والأفران والمراكز الصحية وسيارات النقل الداخلي.
لكن وبحسب تصريح سابق للإداري في اللجنة مصطفى محمد، لنورث برس، فإن “كمية المحروقات التي تدخل إلى المنطقة لا تلبي سوى 30% فقط من هذه الاحتياجات، وسط استمرار حالة الحصار”.
ويشمل نقص المواد بسبب الحصار، مادتي الغاز والبنزين اللتين لا تدخلان المنطقة بشكل اعتيادي، بل يشتريهما السكان من السوق السوداء بأسعار “باهظة”.
وحذر الإداري في لجنة المحروقات، حينها، في حال استمرار الحصار على المنطقة، “من وقوع كارثة بحق النازحين في حال استمرت حكومة دمشق في تسييس مسألة احتياجاتهم”.
وفي منزل يفتقر للنوافذ والأبواب في قرية بابنس بريف حلب الشمالي، تسكن فريال سليمان (45 عاماً) وهي نازحة من عفرين مع عائلتها.
تشير “سليمان” هي الأخرى إلى مخاوفها من تكرار معاناة فصل الشتاء الماضي: “مر علينا شتاء قارس، كنا نحصل على 50 ليتراً من المازوت على شكل دفعات متباعدة ولم تكن تكفينا، كانت الرياح والمياه تتسرب إلى المنزل أثناء هطول الأمطار”.
واضطر نازحون، خلال الشتاء الماضي، لجمع أغصان الأشجار اليابسة وأكياس النايلون لتدفئة أنفسهم.
وتعجر غالبية العائلات عن شراء المازوت والحطب من السوق السوداء لارتفاع أسعارهما، إذ يصل سعر الليتر الواحد من المازوت إلى ثلاثة آلاف ليرة، فيما يصل سعر الكيلوغرام الواحد من الحطب إلى 500 ليرة سورية.
تقول النازحة الأربعينية إنها وبعد أن هُجرت قسراً من منزلها في عفرين لا تملك مصدر دخل لشراء احتياجات عائلتها من المازوت أو الحطب، “لا نملك شيئاً هنا، تركنا أموالنا وممتلكاتنا في عفرين، في حال لم نستلم المازوت سيكون وضعنا صعباً”.
معاناة مضاعفة في الخيم
وبحسب عبد حنان معمو، الرئيس المشارك لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين فإنهم يستعدون لتوزيع مدافئ جديدة على النازحين في المخيمات وتوزيع ملابس الأطفال على العائلات “المحتاجة”.
ولكن “معمو” ذكر، لنورث برس، أنهم لا يمتلكون حلولاً في حال استمرار الحصار على المنطقة.
وأشار إلى أن المساعدات التي تقدمها المنظمات للنازحين، “لا تغطي سوى 20% من احتياجات المهجرين، ففي بداية فصل الشتاء الماضي قامت منظمات بتوزيع أغطية وإسفنجات إلا أنها لم تمنحها لكافة العائلات”.
وبينما تجلس نائلة محمد (58 عاماً) وهي نازحة من عفرين وتسكن في مخيم برخدان أمام باب خيمتها تتحدث عن صعوبات حياتها في المخيم.
وعلى الرغم من قيام البلديات التابعة للإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي بمد الحصى على الطرقات الفرعية وعند غرف الحمامات والمغاسل منعاً لتراكم الوحل في الشتاء، إلا أن النازحين يقولون إن معاناتهم تحت الخيم تتضاعف وخاصة في فصل الصيف والشتاء.
وتقول “محمد” وقد قامت بخياطة وترقيع الأجزاء التي اهترأت من خيمتها: “عندما يهطل المطر، تتسرب المياه إلى الخيمة وعندما أشعل المدفأة في الشتاء يتكون البخار والرطوبة وتتبلل أغراضنا”.
وتضيف: “هذ حالنا في الخيم، ماذا عساي أن أقول؟”.