عامان من النزوح لم ينهيا حلم العودة لنازحين من سري كانيه (رأس العين)

الحسكة – نورث برس

ما زالت عنود الجاسم (69 عاماً) وهي نازحة من ريف سري كانيه (رأس العين) تعيش مع عائلتها في مخيم واشوكاني قرب الحسكة شمال شرق سوريا، تتذكر بالتفصيل كل ما تركته خلفها أثناء خروجها من منزلها، فتعدد من أصغر الأشياء  حجماً إلى أكبرها واحدة تلو الأخرى، رغم مرور عامين على نزوحها من مسقط رأسها.  

تقول النازحة، وهي تجلس أمام خيمتها رفقة ابنتها من ذوي الاحتياجات الخاصة ونازحات من منطقتها، إنها تركت مستودعاتها من الحنطة والشعير والكمون ومولدات الكهرباء وصهاريج المياه والمازوت وكل أملاكها من منزل وأراض وغيرها.

وتضيف “الجاسم” التي تعاني مع تقدمها في العمر من مشكلات صحية أبرزها انزلاق غضروفي وداء السكري ومشكلات في الضغط: “تهجرنا من منازلنا بثيابنا فقط، هذه الخيمة حلت محل منزلنا”.

ويصادف التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر ذكرى الغزو التركي لمنطقتي سري كانيه وتل أبيض، إذ تسببت العملية العسكرية التركية برفقة فصائل المعارضة المسلحة الموالية لها عام 2019 بتهجير ما يقارب 300 ألف شخص من ديارهم.

ويتوزع نازحو المنطقتين في مخيمات ومراكز إيواء في شمال وشرق وسوريا ويعيشون ظروفاً معيشية “صعبة”، في ظل قلة المساعدات الإنسانية.

 وتقارن “الجاسم” وضعها في المخيم والصعوبات التي تواجهها في تدبر أمورها المعيشية بحالها قبل نزوحها وتتحسر على ما آلت إليه أحوالهم، “كنا نمتلك كل شيء، لم يكن نحتاج شيئاً، حالياً نبيع المعونات ونستدين لنشتري بها حاجاتنا”.

ويضم مخيم واشوكاني الذي أنشأته الإدارة الذاتية في الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019 على أطراف بلدة التوينة، نحو 13 كم غرب الحسكة،  15158  شخصاً ضمن 2317  عائلة موزعة على 1986 خيمة، بحسب إدارة المخيم.

“نريد العودة”

وتعود سمية العزاوي (49 عاماً،) وهي نازحة من ريف سري كانيه تعيش في المخيم نفسه، بذاكرتها لأيام الفرار من القصف، فهي الأخرى تركت كل ممتلكاتها خلفها، فشدة القصف والخوف من تعرض أولادها لسوء ما، أجبرها على ترك حتى مفاتيح منزلها.

وتصف أوضاعهم إبان نزوحهم إلى الحسكة بـ”المأساة”، حيث سكنوا خلال أسابيع قليلة في إحدى المدارس التي تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين من سري كانيه وريفها.

وتضيف: “نام أطفالي على بلاط باحة المدرسة ثلاثة أيام، انتقلنا بعدها إلى المخيم، لمدة عام كنا ننام على شوادر من النايلون لعدم توفر الإسفنجات والبطانيات”.

وتشير “العزاوي” إلى صعوبات يواجهونها في المخيم من نقص في المياه والمساعدات، “وفي الصيف عانينا كثيراً من درجات الحرارة المرتفعة في ظل عدم وجود وسائل للتبريد”.

وتخشى النازحة من الشتاء، تقول إن النازحين في المخيم لم يحصلوا على وقود للتدفئة بعد ولم يتم منحهم أي وسائل للتدفئة سواء أغطية أو ألبسة، كما أن الإسفنجات التي استلموها العام الماضي باتت مهترئة وغير صالحة للاستخدام.

وتشير النازحة الأربعينية بيديها إلى خيمتها، “هذه الخيمة أصبحت حماماً ومطبخاً وغرفة نوم وغرفة جلوس لنا”.

وتجد “العزاوي” في العودة لمنزلها حلاً لإنهاء معاناتها في المخيم، “لا نريد شيئاً، نريد فقط العودة لمنازلنا، نرضى بأكل التراب ونحن في بيوتنا، سنقوم بزراعة أراضينا وحصادها، فذلك أفضل من الحياة في المخيم”.

“مساعدات لا تكفي”

ويشتكي النازحون في المخيم من قلة المساعدات الغذائية التي يتم توزيعها من قبل المنظمات، إذ تحصل العائلات غالباً كل شهرين على سلة غذائية واحدة.

ووفقاً للنازحين، حتى مخصصات الخبز “قليلة”.

ومن جهته، قال رياض مرعي، وهو مسؤول مكتب العلاقات في مخيم واشوكاني، إن السلال الغذائية لم يتم توزيعها خلال الشهرين الماضيين، حيث “بررت المنظمات ذلك بعدم وجود ميزانيات مخصصة كافية”.

وبحسب “مرعي” فإن الدعم المقدم “لا يسد 20 في المئة من احتياجات النازحين سواء فيما يتعلق بمياه الشرب والمواد الغذائية.

وخلال الفترة الماضية، قامت منظمات كانت تقدم الخدمات في المخيم، بإيقاف توزيع تلك الخدمات والتوجه نحو مناطق دير الزور والرقة، وفق قول “مرعي”.

 وخلال الصيف وبسبب درجات الحرارة المرتفعة، فقد ثلاثة أطفال حياتهم في المخيم، وفقاً لما ذكره مسؤول مكتب العلاقات في المخيم لنورث برس.

ويشير “مرعي” إلى تنصل الكثير من المنظمات الدولية عن مسؤولياتها “الأخلاقية والإنسانية” تجاه نازحي سري كانيه، “نتيجة عدم اعتراف الحكومة السورية بهذا المخيم وعدم تدخل مفوضية اللاجئين لتقديم المساعدات للنازحين”.

إعداد: جيندار عبدالقادر– تحرير: سوزدار محمد