رسالة إلى شهيد

أنت بالنسبة لي شهيد حتى ولو كنت من طرف النظام فالجميع في هذه الحرب ضحايا النظام الذي زج بالشعب السوري في أتون قتال مرير وتمزق لن يكون من السهل رأبه وترتيقه على المستوى القريب والمنظور، سيدي الشهيد، كم يؤلمني أنك لن تقرأ كلماتي هذه ولن تطلع عليها، ولكني أرى في رفاقك الذين نجحوا في البقاء على قيد الحياة بعض العزاء، ولعل كلماتي تصلهم بطريقة ما فيفهمون رخص الصفقة التي تمت لبيع دمك الشريف.

 أنت عندي بطل مهما قال الآخرون لأنك قاتلت دفاعاً عن فكرة أنت مؤمن بها رغم اختلافنا في الفكرة وحولها وحول تفسيرها، ولكنك بطل، نعم بطل الخديعة والوهم الذي باعه لك النظام حين قال لك إنك تقاتل دفاعاً عن سيادة الوطن، فيا ليتك تستطيع أن ترى جيوش الأرض وهي تقيم معسكراتها على تراب الوطن الذي رويته بدمك الزكي، لن تصدق أن بلداً مثل هولندا لا تتجاوز مساحته مساحة سهل الغاب في ريف حماة صار لها جنود ومعسكرات على الأرض السورية.


ليتك تستطيع رؤية الطيران الإسرائيلي وهو يقوم بجولات سياحية شبه أسبوعية ليقصف في العاصمة والساحل وكل المدن السورية دون أن يصدر عن نظامك ورئيسه حتى تنديد بتلك الغارات ولا حتى وعد بالرد في الزمان والمكان المناسبين، فحتى هذه الجملة لم نعد نسمعها لأن رئيسك بات يخاف ترديدها بعد تهديدات رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو حين قال: (في اليوم الذي يرد فيه الأسد على غاراتنا، سيكون آخر يوم في حكم آل الأسد)، ومن يومها صمت رئيسك ولم يتجرأ حتى على الوعد بالرد رغم معرفتنا بأنه مجرد كلام.

 قالوا لك إنك تقاتل ضد مؤامرة كونية على صمود سوريا وخطها المقاوم، وإن استطعت العودة سيدهشك الانهيار الذي بلغه خط المقاومة حتى أن تلك الكلمات باتت تثير السخرية والضحك عند الكثيرين من أبناء الشعب العربي من المحيط إلى الخليج لمعرفتهم بالحقيقة التي تكمن خلف هذه الشعارات الكاذبة.

خدعوك حين أرسلوك للقتل أو الموت حين أقنعوك بأنك تقاتل التطرف والوهابيين والدواعش، ولسوف تبكي حين ترى دواعش إيران وأفغانستان والعراق يحتلون سوريا من بابها إلى محرابها، انهض لترى بأم عينك الحسينيات التي تنتشر كالفطر في كل قرية ومزرعة في بلدك.

 هل قرأت قانون الأوقاف لأخير الذي أصدره سيدك وسيد المقاومة مؤخراً؟ إنه لمن المضحك المبكي قراءة هذا المرسوم، يطلب مولاك وسيدك من وزارة الأوقاف التنسيق مع وزارتي الإعلام والثقافة لمتابعة البرامج الدينية، بمعنى أن رجل الدين الملتف بعباءة وزير الأوقاف له الحق في إيقاف أي برنامج تلفزيوني يراه مخالفاً لتعاليم الدين الحنيف، وهو وحده من يقرر الدين الحنيف وحقيقته وصلاحيته وصلاحياته، ويعني كذلك أن يكون من حق وزارة الأوقاف متابعة الإصدارات الثقافية والرقابة عليها، إنه يطلق يد الدواعش في بلدك يا بني أو يا سيدي الشهيد.

 لقد قام سيدكم الذي يدعي محاربته للتطرف والتدين بإغلاق دور السينما وحولها إلى أماكن للشاذين والمتسولين والأشخاص الذين لا بيت لهم وللحشاشين والمدمنين.

 لقد قام سيدك بإغلاق خمارات البلد مثل مجدولين في نهاية طلعة التجهيز والفريدي في قلب العاصمة دمشق، كما أوقف جميع المشروبات الروحية في مطاعم الربوة، لقد أسس سيدك جامعات إسلامية – إيرانية أكثر من المدارس الدينية التي أسسها المماليك طيلة فترة حكمهم الممتدة إلى أكثر من 300 سنة.

ومع ذلك فهو يصر على أنه يحارب الدواعش، هل تعرف، يا سيدي الشهيد، أنك في الوقت الذي كنت فيه تقاتل الدواعش وربما تٌقتل في معاركهم، كان سيدك يمدهم بالمال والسلاح ليقتلوك؟ هل تعلم؟

أخبروك أن الحكومات العربية خائنة وهي تتآمر على سوريا الصامدة الواحدة، فليتك ترى كيف يهلل سيدك وإعلامه للقاء بسيط وسريع جرى مع هذا المسؤول العربي أو ذاك، هل تذكر كم شتمت ملك الأردن في اجتماعاتكم الحزبية؟ اليوم سيدك يتصل به بل ويتباهى بأن ملك الأردن وافق على استلام اتصاله ورد عليه.

 هل تذكر كم مرة شتمت الزعماء العرب في جلساتك مع رفاقك وأقاربك؟ ها هو سيدك يقبل الأيادي ليفتحوا له خزائنهم وخطوط هواتفهم.

سيدي الشهيد، يحزنني كثيراً أن دمك ذهب مجاناً وأن أهلك يبكونك دماً ويعضون أصابعهم ندماً على إرسالك للموت في سبيل عائلة لا تستحق دماءك بل تستحق بصاقك.