منبج- نورث برس
يتجول أحمد عباس (55 عاماً)، وهو مزارع بريف منبج شمالي سوريا، في مزرعته التي بدأ بزراعتها هذا العام بأشجار العنب، وذلك بعد خسائره العام الفائت في محصول الشعير.
ويأمل المزارع في أن تكون دوالي العنب التي زرعها في قرية محترق صغير، 10 كم جنوب منبج، مشروعاً ناجحاً أكثر من البقوليات والمحاصيل الأخرى التي توجه لها مزارعون بدل القمح والشعير.
وتبلغ مساحة الاراضي المزروعة بأشجار العنب في منبج قرابة 800 هكتار، بحسب مؤسسة الزراعة في المدينة.
واختار مزارعون في أرياف منبج أشجار العنب بعد تدني إنتاج محاصيل أخرى لهم خلال الأعوام الأخيرة آملين في تعويض جزء مما تكبدوه سابقاً من خسائر.
وبلغ إنتاج الهكتار الواحد من الشعير البعلي الموسم الفائت نحو 200 كغ بينما كان إنتاج المساحة نفسها وسطياً 500 كغ للهكتار الواحد قبل أعوام.
ولم تُغط تكاليف إنتاج أرض “عباس” من محصول الشعير، مصاريف البذار والفلاحة ورش المبيدات.
كما بلغ وسطي إنتاج الهكتار الواحد من القمح المروي 500 كغ بعد أن كان يصل طن و250 كغ سابقاً.
أصناف جديدة
وقال المزارع “عباس” إن أشجار ستعطيه إنتاجاً أفضل من باقي المحاصيل والأشجار علاوة على اختصارها للتعب والوقت.
ويعتمد في اعتقاده هذا على نتائج استفساره من مهندسين زراعيين في المدينة عن الطرق الأفضل لزراعة دوالي العنب وكمية إنتاجها السنوي.
وينبغي اختيار مكانٍ مشمسٍ لأشجار من أجل إنتاجٍ مستمرٍ، فأشعة الشمس تعتبر ضروريةً للحصول على عنب ذي جودة عالية، رغم أن بعض أنواع الكرمة المُستخدمة للزينة يمكن أن تنمو في الظل الجزئي، بحسب مهندسين زراعيين.
ومن أصناف العنب المعروفة في المنطقة، العنب الرومي الأحمر وعنب المائدة وطومسون سيدلس وسيدي براني الأحمر والخليلي والبلدي وفلام وسوبير يرو والبناتي، وفقاَ لمهندسين زراعيين.
ويمكن لأنواع من العنب أن تبلغ مرحلة الإنتاج للبيع كفاكهة طازجة أو لصناعة المربيات بعد عامين من الزراعة، وتستمر بمحصول جيد لمدة تتراوح ما بين 15 عاماً و17 عاماً.
وتعطي أنواع أخرى مخصصة لصناعة النبيذ عائداً جيداً بعد سبع سنوات أو ثماني سنوات من الزراعة، بحسب مزارعي عنب في ريف منبج.
ويبلغ انتاج الشجرة الواحدة من العنب التي تتلقى عناية كقابة من أسمدة وسقاية ومكافحة للحشرات، قرابة 50 كغ.
دعم شحيح
ولم يتمكن المزارع “عباس” من إتمام المرحلة الأولى من مشروعه بعد، لعدم استطاعته تأمين تكاليفها من ناحية وعدم توفر بعض المواد المطلوبة.
يقول إن المبيدات لمكافحة الآفات والحشرات والسلك الناعم الذي يستخدم لصنع العريشة غير متوفر الآن في الأسواق، بالإضافة لنقص في مادة المازوت المستخدم للسقاية.
وتبلغ تكلفة السلك الناعم لمساحة هكتار ونصف للمزارع قرابة مليوني ليرة سورية هذا ان وجدت.
ويستهلك المزارع في اليوم الواحد قرابة 25 لتراً من وقود المازوت لتشغيل مولدة الكهرباء من أجل استخراج المياه للسقاية، “فوضع الكهرباء سيء للغاية ولا يُعتمد عليها لتشغيل الغطاسات”.
ويرى أن مؤسسة الزراعة في منبج لا تقدم الدعم الكافي لمزارعي الأشجار للاستمرار في مشروعاتهم.
تجربة أولى
وزرع طلال عباس (38 عاماً)، وهو قريب المزارع أحمد، أشجاراً للعنب منذ عامين كتجربة أولى في القرية نفسها ، “هي أول مرة نقوم باستبدال المحاصيل الزراعية التي اعتدنا على زراعتها”.
وزرع “طلال” أربعة دونمات من أرضه بأشجار العنب بتكلفة 1200 دولار أميركي للدونم الواحد، قال إن المبلغ يشمل تجهيز الأرض والحفر وأعمدة من الخرسانة وربط الأسلاك فيما بينها.
وقال المزارع إن أشجار العنب تحتاج الى متابعة، وفي كل عام تزداد تكلفتها عن العام السابق، فهي الآن تحتاج لأدوية ومبيدات وتسميد وري لمرتين في الأسبوع.
واشتكى من قلة مخصصات الوقود التي تقدمها لهم مؤسسة الزراعة في منبج، فهي “لا تتناسب مع ما يتم استهلاكه في الموسم”.
ويقترح “طلال” أن تقدم هيئة الزراعة في منبج دعماً خاصاً لمزارعي العنب لتشجيع مشاريع الإنتاج الزراعي في منبج وسد احتياجات المنطقة من أوراق العنب وثمارها ومنتجاتها.
إمكانات محدودة
ومن جهته، قال خالد الأوسو، وهو الرئيس المشارك لمؤسسة الزراعة في منبج، إن الإقبال على زراعة العنب وأشجار أخرى زاد بسبب تدني إنتاج محاصيل الحبوب.
وأضاف المسؤول المحلي أن بإمكان المزارعين التوجه الى الصيدلية الزراعية التعاونية التابعة لمؤسسة الزراعة من أجل شراء احتياجاتهم من المبيدات الحشرية بسعر مدعوم أقل من السوق.
وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالحبوب العام الفائت قرابة سبعة آلاف هكتار، بحسب مؤسسة الزراعة في منبج.
وشكل شح الأمطار وقطع تركيا لمياه نهر الفرات سببين رئيسين دفعا مزارعين لاستبدال محاصيلهم الزراعية بأشجار العنب، وفقاً لـ “الاوسو”.
وقال المسؤول المحلي إن كمية 400 لتر من المازوت تُصرف لكل هكتار مزروع بأشجار العنب، ولمرة واحدة خلال الموسم.
وأشار إلى أن تلك الكمية هي ما تبلغه إمكانات المؤسسة حالياً.
“أما بالنسبة للأسمدة، فيستطيع المزارعون الحصول عليها من مؤسسة الزراعة بسعر 17.5 دولار للكيس ( 50 كغ) من سماد “يوريا”.
وقال عبد الحميد المصطفى، وهو مهندس زراعي في منبج، إن أكثر انواع العنب زراعة في منبج والتي تتأقلم مع طبيعة المنطقة هي الشامي الأبيض الحلواني والشامي الأحمر وأصابع الخاتون.
لكن “المصطفى” حذر من استبدال محاصيل الحبوب بالأشجار على نطاق واسع، لأن الأمر سينعكس سلباً على الإنتاج الزراعي عموماً.
واعتبر أن المنطقة قد تدخل حالة عدم توازن في إنتاج الأصناف الزراعية بسبب الحاجة للحبوب.