دمشق ـ نورث برس
تحول خان سليمان باشا الثاني، والذي يُعتبر من أكبر الخانات الشامية ضخامة بعد خان أسعد باشا العظم، من معلم أثري في دمشق إلى فندق 5 نجوم، وكان قد بُني بأمر من الوالي العثماني الأول سليمان باشا العظم، سنة 1732 وحتى 1736.
ويقع خان سليمان باشا داخل أسوار مدينة دمشق القديمة، في منتصف سوق مدحت باشا على يمين الداخل
إلى السوق، ويقابل الخان سوق الخياطين وسوق البزورية في محلة الدقاقين. وكان يعرف بخان الحماصنة نسبة لتجار مدينة حمص الذين كانوا يستخدمونه لعرض منتجاتهم عند قدومهم لمدينة دمشق.

وقال مصدر من مديرية الثقافة لنورث برس، فضل عدم ذكر اسمه، إن محافظة دمشق باشرت بأعمال تأهيل وترميم خان سليمان باشا، في سوق مدحت باشا في دمشق القديمة.
وبدوره أشار مازن فرزلي مدير مديرية دمشق، إلى أن الخان سيتم استثماره بعد تأهيله كفندق من 5 نجوم. وقال إن الخان سيضم 20 غرفة فندقية، وقاعات متعددة الاستعمالات، إضافة إلى نشاطات ومعارض وفعاليات سياحية.
مناشدات لمنع التحويل
قال رافع الرواس (56 عاماً)، وهو خبير عمراني وتراثي ويقيم في منطقة البرامكة في العاصمة دمشق، لنورث برس: “يُقصد بالحفاظ على المبنى التاريخي هو حفظه ككل، الحفاظ على مواد بنائه، أساليب البناء والإبداع في المبنى، عناصره الزخرفية، تصميمه الداخلي والحفاظ على وظائفه وعلاقته بمحيطه الخارجي”.
كما يُقصد به أيضاً الحفاظ على صفاته المميزة، حيث أن “لكل مبنى ما يميزه عن غيره، وبذلك فإن عملية التعامل تختلف من مبنى لآخر”، بحسب “الرواس”.
وأشار إلى أن “دمشق عُرِفت تاريخياً، بمدينة الخانات، وذلك بفضل موقعها على طريق التجارة العالمية (طريق الحرير)، حتى صارت مَقصداً للتجار والزوار من كل مكان. وبالفعل، يُعد خان سليمان باشا بما فيه من فنون وهندسة وتراث معماري مهم، من أشهر خانات دمشق. ولهذا لا يعني تحويله، وجميع المباني الأثرية إلى فنادق”.

ويضيف “الرواس”: في بداية العام 2011 قدمنا عريضة، أنا ومجموعة من المهتمين بالتراث السوري الدمشقي لمديرية الآثار، وكتبنا أن الآثار والتاريخ الإنساني لا علاقة لها بالحروب، ويجب الحفاظ عليها بكل الوسائل.
ولكن، وبحسب “الرواس” فإن: “الكثير من المهتمين انسحبوا من المشروع يائسين، أنا والبعض من الأصدقاء قدمنا عريضة ثانية، وحاولنا الحفاظ والإبقاء على وضع المباني كما هي باتخاذ التدابير اللازمة”.
وقال متأسفاً: “لم نحصل على تصريح ومنعنا من الدخول، وبدأت قوانين منع التجمعات بالتحول لأمر واقع، ولم نعد نستطع تشكيل أي ضغط على الحكومة. وبناء على ذلك، ناشدنا اليونسكو بشكل مباشر، ولكن أيضاً لأننا لا نحمل صفة رسمية قامت الدولة بتهميشنا ولم نحصل على أي جواب”.
عمليات ترميم الخان
يقول النحات عمر الطرودي (30 عاماً)، وهو خريج كلية الفنون الجميلة، لنورث برس: “تجربتي الأولى في الترميم كانت للفسحة السماوية لخان الرز، يقع الخان في سوق الورق الواقع شرق سوق البزورية موازياً لشارع سوق مدحت باشا”.
ويضيف: “كانت عملية الترميم برعاية وإشراف عدة منظمات دولية، على رأسها اليونسكو، تقاضينا أجراً رمزياً عن طريق المديرية، ومن خلال تصنيف الأوراق وعملي لاحقاً مع نفس المنظمة، اكتشفت أننا كنا نتقاضى راتباً كبيراً وبالدولار، ولكن لم يصلنا منه إلا القليل”.
ويقول: “أكثر الخانات تفتقر إلى مصادر تاريخية للتوثيق الدقيق، وأهملت، وعن عمْدٍ، دراستها وصيانتها”.
وأشار “الطرودي” إلى أن “جميع الخانات المتبقية، مسجلة في القوائم الأثرية، وهذا يعني أنها تحت حماية السلطة الأثرية ورعايتها، ولا يجوز هدمها وتغيير معالمها، حتى ولو أرادت ذلك المديريات المعنية، كالبلديات أو الوقفية”.
يشار إلى أنَّ خانات دمشق تضررت كثيراَ خلال السنوات الماضية، وسط عدم وجود خطط مستدامة من قبل المؤسسات المسؤولة عن المعالم الأثرية، أو حتى محاولة إبقاء المعالم على ما هي عليها، خاصة في سنوات الحرب والأزمات المستعرة التي تشهدها البلاد.