أطفال وشبان في إدلب يواجهون صعوبات حياتية بسبب الأمية

إدلب- نورث برس

يتردد الطفل مصطفى الداني (14عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، إلى مركز لمحو الأمية افتتحته إحدى منظمات المجتمع المدني لتعلم أساسيات القراءة والكتابة والتي لم يكن يجيد أيًاً منها بسبب انقطاعه عن مدرسته نتيجة نزوحه المتكرر.

يقول الطفل إن إحساسه بالخجل والجهل أمام أهله وأصدقائه دفعه للالتحاق بالمركز بهدف تعلم أساسيات القراءة والكتابة والعمليات الحسابية البسيطة التي تمكنه من تجاوز مشكلات تصادفه في حياته اليومية.

غير أن كثيرين من أقران مصطفى لا يجيدون المهارات الأساسية للتعليم الابتدائي نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي ألقت بظلالها على مئات الأطفال في منطقة إدلب.

وانتشرت الأمية بين أطفال ومراهقين وشباب، نتيجة عوامل عديدة أفرزتها الحرب السورية.

وخلال سنوات من تدهور قطاع التعليم، بات الضحايا الأطفال اليوم شباباً، في حين ما زالت الظاهرة مستمرة وفي ازدياد، ما يهدد مستقبل أجيال متلاحقة في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

أمية تامة

ولا يعرف الشاب زكريا العوض (18 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح يعيش في مدينة سرمدا شمال إدلب، القراءة أو الكتابة ولا أدنى عمليات الحساب البسيطة.

 ويستعين بأصدقائه وإخوته الصغار لفهم الرسائل النصية على هاتفه المحمول، والحال نفسه مع عمليات حسابية يواجهها في حياته وعمله.

وانقطع الفتى عن المدرسة في السابعة من عمره بسبب تردي الأوضاع الأمنية، واضطراره للعمل في مهنة البناء مع والده الذي قضى بإحدى الغارات الجوية على مدينة معرة النعمان جنوب إدلب.

وقال إنه غدا آنذاك المعيل الوحيد لأمه وإخوته، ما أدى لأن يصبح أمياً يجهل القراءة والكتابة.

وأشار إلى أنه يأمل في أن يتمكن مستقبلاً من الالتحاق بإحدى دورات محو الأمية لتعلم أساسيات القراءة، علّه يتخلص من العقبات التي تواجهه بسبب جهله لقواعدها.

ورغم أن التعليم خارج المدرسة يستقطب نسبة من أطفال إدلب، إلا أن أولياء أمور يقولون إن مواد مثل اللغة الانكليزية والرياضيات تحتاج متابعة من معلم مختص في المدرسة.

وتشير إحصاءات منظمة يونيسيف التابعة للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 2.4 مليون طفل سوري غير ملتحقين بالمدرسة.

ولم يستطع رائد العليوي (12عاماً)، وهو اسم مستعار لطفل نازح في مخيمات دير حسان الحدودية، من الالتحاق بالمدرسة نتيجة افتقار المخيم لأي مركز تعليمي.

وقال والد الطفل إن أقرب مدرسة تبعد عن مخيمهم قرابة سبعة كيلومترات، وهو ما حال بين ابنه والمدرسة.

وأضاف أن عشرات الأطفال والمراهقين في المخيم يعانون من انتشار الأمية بينهم.

وقالت صفاء الأحمد (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لمرشدة نفسية واجتماعية تعيش في إدلب المدينة، إن أسباب تفشي الأمية كلها مرتبطة باستمرار العمليات العسكرية والقصف الذي يستهدف المدارس.

وما أدى لانتشارها بين مختلف الفئات العمرية، بحسب “الأحمد”، هو تدهور القطاع التعليمي في إدلب وافتقار العديد من المناطق للمدارس وخاصة المخيمات، ما دفع أهالٍ لإيقاف تعليم أطفالهم ودفعهم نحو العمالة مرددين مقولة “الدراسة في هذه الأيام ما بتطعمي خبز”.

وأشارت “الأحمد” إلى دراسة أجرتها على عينة من الأطفال أظهرت أن ثلاثة من بين كل عشرة أطفال لا يجيدون القراءة أو الكتابة.

ورأت المرشدة أن الحملات التوعوية وزيادة مراكز محو الأمية وإنشاء الخيم التدريسية في المخيمات ومناطق شمال غربي سوريا من شأنها التخفيف من هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل آلاف الأطفال.

واعتبرت أن بقاء الظاهرة دون معالجة “سيقضي على مستقبل جيل كامل من الأطفال الأميين”.

إعداد: سمير عوض- تحرير: حكيم أحمد