في السويداء إيجارات سكنية تتبع الدولار ومداخيل مستأجرين لا تجاريه

السويداء- نورث برس

لا يتمكن مستأجرو منازل في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، منذ حوالي شهرين، من تجديد عقود استئجارهم لمنازل يعيشون فيها بسبب مطالبة أصحابها برفع الإيجار لأضعاف أحياناً، بينما يشير مالكون إلى ارتفاع نفقات البناء والصيانة.

وبلغت إيجارات الشقق السكنية، هذه الأيام، في مركز مدينة السويداء وبعض الأحياء ذات الأبنية الحديثة ٢٥٠ ألف ليرة سورية شهرياً، بينما تُعرض المنازل في ضواحي المدينة بنحو ١٥٠ ألف ليرة.

 ويقول مستأجرون إن العشرات من العائلات المستأجرة اضطرت مؤخراً لإخلاء منازل كانت قد استأجرتها والتوجه لبيوت عربية قديمة ذات إكساء مهترئ، بسبب عدم تناسب الأسعار المعروضة مع مداخيلها المالية.

أضعاف ما كان

وقالت لبنى العماطوري (٤٥ عاماً)، وهي موظفة حكومية تعيش في مدينة السويداء ومعيلة لأبنائها الأربعة بعد وفاة زوجها، إنها تركت منزلاً كانت تسكنه منذ خمس سنوات بسبب رفع المالك الأجرة من 50 ألف ليرة إلى 150 ألفاً دفعة واحدة.

وكانت الشقة التي تسكنها الأسرة مؤلفة من من ثلاث غرف ومنتفعات على مساحة١١٠ أمتار، وارتفعت الأجرة من 25 ألفاً إلى 50 ألفاً خلال خمسة أعوام، وهو ما اعتبرته المستأجرة أمراً معقولاً.

لكنها تصف المنزل القديم الذي تسكنه الآن مقابل 30 ألف ليرة شهرياً، بالمتهالك والبعيد عن مكان عملها، وذلك عقب إنذار محامي المالك لها الشهر الفائت بإخلاء الشقة لتنتقل إلى الطرف الشمالي للمدينة.

وأضافت ” العماطوري” أن ارتفاع إيجار الشقق مؤخراً في السويداء “جنوني، وكأن العدوى سرت من مالك لآخر  دون أي تدخل من جانب الجهات الرقابية الحكومية لضبط الارتفاع”.

ومنذ شهر، يبحث سلامة حمايل (٥٠ عاماً)، الذي يعمل نجار أثاث في المنطقة الصناعية بالمدينة، عن منزل للإيجار يتناسب ودخله الشهري بعد أن أعلمه مالك الشقة التي يسكنها نيته رفع أجرة المنزل من 75 ألفاً إلى مئتي ألف ليرة سورية.

يقول إن الإيجار لجميع الشقق التي عثر عليها خلال بحثه لا تقل عن ١٠٠ ألف ليرة شهرياً، ليجد قبل أيام مسكناً في أقصى ضاحية شرقي المدينة السويداء بـ ٨٥ ألف ليرة شهرياً.

ويضيف أن أعباءه الأخرى رديئا واحتياجات أبنائه الخمسة لا تسمح له بدفع مبلغ أكبر، لا سيما مع تراجع عمله بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية للسكان.

وبالمقابل، صار امتلاك شقة سكنية أو منزل صغير “حلماً لمئات الأسر في السويداء في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار مواد البناء”، بحسب “حمايل”.

الظروف الاقتصادية والغلاء، هي ذريعة المالكين أيضاً لرفع الإيجارات، فالمبالغ الكبيرة التي صرفوها على هذه المنازل لا تشكل شيئاً أمام ما يجنونه منها بالليرة السورية المنهارة.

ظروف اقتصادية

ويحدث هذا بعد أشهر من تعديل المصرف المركزي لأسعار الصرف أواسط نيسان/أبريل الماضي.

ويبلغ سعر صرف  الدولار الأميركي للحوالات الواردة من الخارج 2500 ليرة سورية بعد ما كانت 1250 بداية العام، في الوقت الذي يبلغ سعر الصرف في الأسواق أكثر من 3500 ليرة للدولار الواحد.

ورفع محسن مقلد (٦٠ عاماً)، الذي يملك بناء سكنياً وسط السويداء، أجرة الشقة الواحدة لديه من 30 ألف ليرة إلى مئتي ألف ليرة سورية.

يقول إن المبنى الذي يضم 14 شقة في سبع طوابق كلفه نحو من 330 ألف دولار أميركي عام 2016.

وأضاف أن ذلك يعادل الآن أكثر من مليار ومئة مليون ليرة سورية، وأنه أنفق كل ما يملك على المبنى بهدف استثماره في الإيجار.

وعلى هذا يعتقد أن من حقه رفع إيجارات الشقق لأضعاف ما كانت عليه، “كي تتناسب مع تكاليف البناء سابقاً، والصيانة لاحقاً بعد مغادرة المستأجر”.

وبحسب “مقلد”، فهو يدرك أن عائلات كثيرة في السويداء لا تتمكن من دفع المبلغ، إلا أن مجموع ما كان يجنيه من تأجير شقق مبناه لم يكن يتجاوز 500 ألف ليرة، يقول إنها لم تكن تكفيه وأبناءه الثلاثة في الجامعة لخمسة أيام.

وقال محمود جابر (٥٥ عاماً)، وهو اسم مستعار لمسؤول حكومي في مجلس بلدية السويداء، لنورث برس شريطة عدم نشر اسمه لأن ذلك قد يتسبب بفقدانه وظيفته، إن القانون رقم 10 للعام 2006 ينص على خضوع  تأجير العقارات السكنية والتجارية لإرادة المتعاقدين.

 ورأى أن المشرع لم يكن عادلاً في جعل المؤجر يملك حرية تحديد قيمة الإيجار على حساب المستأجر، متغافلاً عن مدى قدرته على السكن وفق شروط المالك.

وأضاف أن قانون الإيجار السوري يحتاج إلى تشريعات أكثر إنصافا وتماشياً مع التحولات الاقتصادية الحاصلة لتضع الجميع تحت سقف العدالة الاجتماعية، “عبر منظومة تشريعية مرنة قابلة للتطور”.

إعداد: سامي العلي- تحرير: حكيم أحمد