رأس العين وتل أبيض خلال أيلول.. استمرار مسلسل القتل والخطف والانفجارات

تل تمر ـ نورث برس

شهدت مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض الخاضعتين لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة التابعة له، خلال شهر أيلول/ سبتمبر الفائت، مزيداً من حالات القتل والخطف والانفجارات.

وتعاني المنطقتان الواقعتان في شمال شرقي سوريا، منذ نحو عامين من فلتان أمني دون رادع، ما ينذر بازدياد تفاقم الوضع الإنساني سوءاً يوماً بعد يوم، وسط تكتم من السلطات التركية على “جرائم” الفصائل المسلحة الموالية لها.

وتسيطر فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا على مدينة سري كانيه وتل أبيض، منذ أواخر العام 2019، في هجوم تسبب بنزوح مئات الآلاف من السكان.

فلتان أمني

وشهدت منطقة سري كانيه دوي انفجارات خلال أيام متفرقة من الشهر الماضي، أودت غالباً بحياة المدنيين.

وفي الثامن من أيلول/ سبتمبر الماضي، هز انفجاران متتاليان المدينة في حي الكنائس ومدخل السوق الرئيسي بالقرب من أحد الحواجز الأمنية التابعة للفصائل المسلحة، بواسطة عبوات ناسفة.

وأسفر الانفجاران عن مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح، بالإضافة إلى أضرار مادية.

وفي الـثالث عشر من الشهر، أقدم عناصر فصيل “الحمزة” على قتل شخص مدني يدعى ‘‘محمد الإسماعيل’’ من قبيلة البوشعبان، ما دفع بالقبيلة للاستنفار والانتفاض ضد من وصفتهم بـ ‘‘العصابات’’.

وأعقب ذلك نشوب اشتباكات جرت بين أبناء القبيلة والفصيل المسلح في قريتي المقرن وأم عظم غرب المدينة، قبل أن يصدر وجهاء القبيلة بياناً، طالبوا من خلاله بطرد الفصيل المذكور من المنطقة.

وفي آب/ أغسطس الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على فصيل “أحرار الشرقية” أكبر الفصائل المتشددة، التي تسيطر على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، وريف حلب، لارتكابهم انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات خطف وقتل وتعذيب.

وتواصل مسلسل الانفجارات في المنطقة خلال الشهر الماضي، حيث أفادت مصادر محلية لـنورث برس، بانفجار عبوة ناسفة في أحد المنازل ببلدة تل حلف في ريف سري كانيه، بتاريخ الحادي والعشرين من الشهر الماضي، أسفرت عن أضرار مادية.

وفي اليوم ذاته، انفجرت قنبلة صوتية ألقاها أحد المسلحين بالقرب من سوق الهال، ألحقت أضراراً مادية في المكان.

اشتباكات متواصلة

وبعده بيوم، أفاد مصدر محلي نورث برس، أن اشتباكات قوية جرت بين فصيلي ‘‘السلطان مراد’’ و ‘‘أحرار الشرقية’’ بقريتي ليلان والأربعين، غرب بلدة تل تمر.

وبحسب المصدر، “نشب الخلاف على تبديل المواقع، ما أسفرت عن وقوع ما لا يقل عن ثلاثة قتلى وإصابة عدد آخر. ولم تتوقف الاشتباكات إلا بعد تدخل من القوات التركية”.

وذكر ذات المصدر، أن الاشتباكات المتكررة بين الفصائل خلفت حالة من الخوف والهلع بين سكان المنطقة.

وشدد على أن كثيراً من السكان يفكّرون في النزوح إلى مناطق أخرى من شمال شرقي سوريا خارجة عن سيطرة الفصائل، بسبب انعدام الأمان وقلة فرص العمل.

وفي الثامن والعشرين من الشهر، اندلعت اشتباكات قوية بين مجموعتين لفصيل ‘‘فرقة المعتصم’’ في عدة أحياء داخل المدينة، استخدم فيها الطرفان الأسلحة الرشاشة وقذائف الـ “آر بي جي”.

وخلال الاشتباكات التي امتدت لأكثر من خمسة ساعات، ذكرت مصادر خاصة من داخل المدينة، أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 عناصر وإصابة نحو 20 آخرين بجروح، إصابة بعضهم بليغة.

وحدث ذلك بعد يومين من نشوب اقتتال بين مسلحي فصيل “الشرطة المدنية” و”الشرطة العسكرية” في المدينة.

تعذيب وحشي

ولعل أبرز المشاهد قساوة على صعيد الانتهاكات التي وردت من منطقة سري كانيه خلال شهر أيلول، هو انتشار مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، لجثة شاب يدعى ‘‘حكمت خليل الدعّار’’ المنحدر من دير الزور، وعلى جسده آثار “تعذيب وحشي” بعد أن كان معتقلاً في سجون فصائل المعارضة.

ونفى يوسف الحمود، الناطق باسم ‘‘الجيش الوطني’’ في تصريح لـنورث برس، مقتله تحت التعذيب، واعتبار أن سبب الوفاة ‘‘نتيجة ارتفاع نسبة السكر في الدم’’ خلال فترة احتجازه في أحد سجونهم، رغم وجود آثار التعذيب على جسده.

لكن أورهان كمال وهو ناشط إعلامي يعمل في مجال حقوق الانسان بشمال شرقي سوريا، أشار إلى أن التعذيب ‘‘أمر طبيعي’’ في سجون فصائل المعارضة.

وقال إن ‘‘6 أشخاص قتلوا في سري كانيه وتل أبيض جراء التعذيب، منذ سيطرة الفصائل على المدينتين’’.

اختطاف مدنيين

وفي ظل انعدام الأمان في هذه المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا، تعتبر عمليات الاختطاف أيضاً، السمة الأبرز التي تجري بين الحين والآخر، مصدر قلق بالنسبة لسكان المنطقتين.

ومطلع الشهر الماضي، اعتقلت الشرطة العسكرية التابعة لفصائل المعارضة الموالية لتركيا، خمسة وجهاء من عشيرة البوعساف في ريف تل أبيض، وذلك بعد صدور بيانين متعارضين من العشيرة حول ولائهما للقوات التركية والفصائل الموالية لها.

في التاسع عشر من الشهر، قال مصدر محلي لـنورث برس، إن أحد الحواجز التابعة لمسلحي المعارضة، قام باختطاف فتاة وامرأة أخرى مع طفليها من بلدة العلي باجلية التابعة لمدينة لتل أبيض، أثناء مرورهما على الحاجز.

وأضاف المصدر، أن مسلحي المعارضة المتواجدين على حاجز ‘‘أم الخراطيم’’ التابع لفصيل أحرار الشرقية الموالي لتركيا، القريب من البلدة قاموا باختطاف كوثر العبد (17 عاماً) وفاطمة مصطفى (35 عاماً) مع طفليها أثناء مرورهما على الحاجز بوقت مختلف.

وأشار المصدر إلى أن المختطفتين تنحدران من قرية علي باجلية من عشيرة المشهور والبوعساف.

وبعد الحادثة بيومين، قال مصدر من بلدة علي باجلية 30 كم جنوب تل أبيض، إن عناصر الاستخبارات ومسلحي المعارضة الموالية، اعتقلوا سبعة وجهاء وكبار في السن من منازلهم خلال مداهمة في ساعات متأخرة من الليل، ‘‘أحدهم مريض سرطان’’.

وبحسب المصدر، أن المعتقلين هم ‘‘إسماعيل عيسى الموسى، صالح خليل الحمش، خليل رحيل الهوش، يونس محمد جاسم، مصطفى أحمد المحمود، سرحان شيخ أحمد، جاسم شيخ أحمد’’.

وينحدر معظم المعتقلين من عشيرتي “البوعساف” و“البوخميس”، وفق المصدر.

إعداد: دلسوز يوسف ـ تحرير: محمد القاضي