كورونا يتفشى في إدلب وسط غياب الوقاية وعجز المشافي عن استيعاب الإصابات
إدلب- نورث برس
يقضي منصور العيد (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة كفر تخاريم شمال إدلب شمال غربي سوريا، فترة علاجه من فيروس كورونا في ممر أحد مراكز العزل، لعدم توفر أسرّة شاغرة وسط عدم قدرة مراكز العزل استيعاب المزيد من الحالات.
يقول إن كل محاولاته لإيجاد سرير شاغر باءت بالفشل نتيجة امتلاء المشافي بالمصابين، فاضطر للانتظار في “الكاردور” للحصول على جلسة أوكسجين مدتها ربع ساعة كل ساعتين.
وتشهد مناطق إدلب وشمال غربي سوريا موجة إصابات جديدة بفيروس كورونا، وسط تراجع تدابير التوعية والوقاية بين السكان، وفي ظل عجز طبي واضح عن استقبال المزيد من الحالات بسبب عدم كفاية الأدوات والأجهزة الطبية للعدد الكبير من الإصابات المسجلة يومياً.
ويوم أمس الأحد، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة المعارضة تسجيل 1.167 إصابة جديدة بكورونا، ليرتفع عدد الإصابات الإجمالي في مناطق سيطرة فصائل المعارضة إلى 67.655، توفي 1.093 منها وتم تسجيل شفاء 1.167شخصاً.
معدلات عالية للإصابات
وسجلت محافظة إدلب أكثر 28,561 إصابة منذ مطلع شهر آب الماضي وحتى الرابع عشر من الشهر الجاري، وسجلت مناطق حارم أعلى عدد إصابات ( 10.656)، تليها إدلب (5.392) إصابة، في حين وصلت أعداد الإصابات في منطقة عفرين إلى ( 4.870) إصابة، بحسب إحصائية سابقة “لفريق منسقو استجابة سوريا”.
و بلغت أعداد الوفيات 151 حالة وفاة خلال الفترة المذكورة أعلاه، وهي أعلى معدل وفيات وصلت إليه مناطق شمال غربي سوريا منذ ظهور الوباء، وفقاً للإحصائية.
وأضطر يحيى الحميدو (39 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا شمال إدلب، لقضاء فترة علاجه في المنزل بعد عجزه عن تأمين سرير في مشفى، علماً أن حالته تستوجب المتابعة والرعاية الصحية بحسب طبيب راجعه.
يقول إنه لم يدخر وسيلة للحصول على رعاية في مشافي العزل المتخصصة في منطقة إدلب، لكن عدم حصوله على سرير شاغر دفعه لاستكمال علاجه في المنزل مع متابعة أحد الأطباء.
وأضاف: “لم أكن أتوقع أن تتدهور حالتي الصحية إلى هذه الدرجة”، في إشارة إلى عدم اكتراثه سابقاً بالتحذيرات من خطورة الوباء.
تحذيرات وضعف استجابة
ويحذر عمار الشيخ (46 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب يدير أحد مراكز العزل بريف إدلب، من تحول المنطقة إلى بؤرة للوباء، وذلك بسبب الانتشار السريع للمتحور دلتا الذي تفوق سرعة انتشاره الفيروس العادي بأضعاف المرات و يستهدف كافة الفئات العمرية.
وقال إن من الملاحظ “الاستهتار واللامبالاة بالوباء، وخاصة مع ندرة الحملات التوعوية المعرفة بالمرض، كما أن العديد من سكان إدلب غير مقتنعين بمخاطر المرض حتى بعد أكثر من عام على ظهوره”.
ورأى الطبيب أن هذه الأسباب أدت لانتشار الفيروس بشكل متسارع، نتيجة عدم اتخاذ إجراءات الوقاية والسلامة.
وأضاف الطبيب أن المشافي ومراكز العزل المتخصصة لم يعد في مقدورها استيعاب المزيد من الحالات وخاصة في ظل نقص أجهزة الأوكسجين، والمنافس مقارنة مع ارتفاع معدل الإصابات في المنطقة، إذ أنهم يضطرون لإخضاع المرضى لعدة جلسات أوكسجين على جهاز واحد أحياناً.
وبداية شهر أيار/مايو الماضي، انطلقت حملة التطعيم ضد فيروس كورونا شمال غربي سوريا، باستخدام لقاحات أرسلتها منظمة الصحة العالمية إلى المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة.
واستهدفت الحملات الكوادر الصحية، ثم المصابين بأمراض مزمنة والمسنين فوق 60 عاماً.
لكن بعض سكان منطقة إدلب يمتنعون عن أخذ اللقاحات المخصصة للفيروس متأثرين بما أشيع حوله من إشاعات.
وقال مصطفى الزيادي (29 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد العاملين في فرق اللقاح ، إن عدداً من المستهدفين رفضوا أخذ اللقاح بشكل قطعي، “وذلك لما أشيع عن تداعيات وسلبيات له وصلت لحد وصف اللقاح بأنه أخطر من الفيروس ذاته”.
وأضاف أنهم يجدون صعوبة في إقناع الفئات المستهدفة بضرورة تلقي التطعيم، لعدم اقتناع الكثيرين به، فضلاً عن تشكيكهم بالمرض ذاته.
ويرى “الزيادي” أن تكثيف حملات التوعية الهادفة من شأنه أن يحد من انتشار الفيروس أو إبطاء انتشاره على الأقل.