كتاب لرحالة ومستشرق فرنسي يستعرض فيه مشاهداته وتصوراته عن سوريا

القامشلي ـ نورث برس

يستعرض بيير لامازيير، وهو رحالة ومستشرق فرنسي، في كتابه “مسافر إلى سورية”، مشاهداته وتصوراته عن سوريا أو بلاد الشام، ولكنها ليست سوريا السياسية الحالية، بل سوريا عام 1926، ومعها لبنان والاسكندرون قبل فصلهما عن سورية.. وظهور الطامعين الكثيرين على عرشها.

والكتاب ترجمة فوزية الزوباري، والناشر دار المدى بدمشق، 2009. وبعدد صفحات بلغت الـ 186.

إنها سوريا، ولكن من خلال عينيّ مثقفٍ فرنسيٍ، روائيٍ وصحفيٍ، يحاول أن يكون عادلاً في قراءته للفساد البيروقراطي الفرنسي، وللتعصب الديني لدى الجنرالات الفرنسيين، إنها رؤية جديدة للباحثين عن هوية جديدة يتلمسونها.

فالكتاب وثيقة ضرورية لاستعادة الكثير من الثوابت زمن الحرب والخراب، كما يقول أحد المهتمين في الشأن السوري، اليوم.

يقول “خيري الذهبي” في تقديمه للكتاب: “حين نزل الفرنسيون على الساحل الشامي لم يكن ذاك النزول بالأمر المفاجئ لهم، فقد كان واحداً من أحلامهم التي لم تنقطع منذ الحروب الفرنجية في القرن الحادي عشر والتي استمرت مع لويس التاسع الذي أسموه فيما بعد بالقديس لويس”.

ويضيف: “على أي حال.. كان في وجدان الكثير منهم استعادة تلك الفترة المجيدة في تاريخهم الفروسي، والذي نتج عنها نشوء الكثير من الإقطاعيين والنبلاء الذين عادوا إلى أوروبا”.

ويذكر “الذهبي” كيف أن الفرنسيين والإنكليز حين نزلوا على الساحل الشامي، ورأوا خروج الجيوش العثمانية المهزومة من الأناضول، لم يفكروا في إنذار الوعد الذي قطعه مكماهون للشريف حسين، ولورنس للملك فيصل، بل كان أول ما فكروا فيه هو اقتسام الكعكة الشامية. فإمارة أورفا أُعطيت للأتراك، أما إمارة أنطاكية فقد شكَّلت منها دولة الساحل الجبلية. ثم إمارة طرابلس فصنعوا منها دولة لبنان الكبير”..

ويقول “لامازيير” في كتابه هذا: “كانت سوريا بالنسبة لنا، ولأربعة أخماس الفرنسيين، تقبع في مكان ما من العالم.. هذا البلد الذي استقر بنا الحال فيه بعد الحرب، فلم يكن مستعمرة ولم يكن تحت الحماية، إنما كان بلداً يتخبط في صعوبات بالغة الخطر”.

ويكتب عن وضع سوريا في تلك الآونة: “أرض شاسعة، أكثر غنى بالذكريات التاريخية والدينية والأسطورية من أي بلاد أخرى، أرض تمنح أجمل إمكانيات للتجارة، والصناعة، ولزراعة، ولتربية المواشي، لكنها في الحاضر خربة، مضطربة بسبب الحرب.. أما سكانها، الذين ينتمون إلى عشرة أجناس، وإلى ثلاثين عقيدة فهم يتمزقون فيما بينهم، ليشكلوا فوضى حقيقية. هكذا تبدو سورية، هذه التي تعهدناها إحلال الهدوء، والنظام، والازدهار فيها، هناك، لم نلق!، إلا الخذلان”.

وتحت عنوان: “هل يترتب علينا المغادرة، أم البقاء؟”، يقول: “قد يكون من العبث، من السخف أن ننكر هذا! فبعد ست سنوات من الوصاية، لم ننجح في سورية، ولم نستطع أن نصل إلى أن نجعلهم يخافونا، وهذه وسيلة للحكم، أو أن نجعلهم يحبوننا، وهو الأفضل، وإلى أن نربح احترام من هم تحت وصايتنا، وفقدنا تجاههم أمنيات كثيرة. خيَّبنا آمالهم. ودفعونا إلى الملل. حصيلة كئيبة..”.

يعتقد “الذهبي” أن هذا الكتاب “يقدم ولأول مرة ضمن مقروءاتنا، وأن الزمن وقد مرَّ هذا المرور الذي يقارب القرن صار يسمح بقراءة كيف كان الآخر، وكيف كان يقرؤونا، وكيف كان يرانا. وهذا أمر شديدة الفائدة”.

يقول: “إذاً, سيكشف لنا مدى الخطوات التي خطوْناها منذ ذلك الزمن الإقطاعي المذهبي الذي أورثته لنا المجمِّدة العثمانية – المملوكية في حركة المجتمع، حيث حولت المجتمع إلى كتل ثلج متجمدة متجاورة غير قادرة على التذاوب والتخالط وبناء مجتمع موحد.”

إعداد وتحرير: نور حسن