دمشق ـ نورث برس
استنكر أحد الصناعيين (الذي فضل عدم ذكر اسمه لكي لا يثير سخط الحكومة عليه)، لنورث برس، طريقة تعامل الحكومة مع الصناعيين والمنتجين، وقال إن التعقيدات والضرائب والتضييق على الصناعيين بات أمراً غير مفهوم.
وأضاف الصناعي الذي يعمل في مجال إنتاج الألبسة في حلب، أن من يتابع ما يحصل مع كل أنواع الإنتاج يصل إلى خلاصة تشير إلى أن السياسية المتبعة حالياً تشير إلى رغبة في توقف كل أنواع الإنتاج في البلد “بقصد تحويل سوريا إلى أسواق لتصريف بضائع الغير!”.
وشدد على أن إنتاجهم من الألبسة تقلص كثيراً، لأن ما ينتجونه لا يستطيع أن يشتريه أكثر من 10% من السوريين، الذين يعيشون بسوية جيدة، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج الكبير.
وأشار إلى أن شراء بدل لموظف “لا يقل عن 200 ألف ليرة سورية وهذا لتسعيرة تعد في الحدود الدنيا، فهل يعقل أن يدفع أي موظف ثلاث أرباع راتبه ليشتري بيجاما لا تقل كلفة إنتاجها عن 50 ألف ليرة؟”.
وأعاد الصناعي السبب إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الكبير نتيجة النقص الكبير في المحروقات، وكثرة الإتاوات التي يدفعها الصناعي للكثير من العاملين في الجهات الرسمية كموظفي المالية والتموين والكهرباء”.
وشدد على أن تكاليف تأمين الطاقة في الشهر لمنشأة يمكن تصنيفها بين المنشآت الصغيرة تصل إلى أكثر من مليون و800 ألف ليرة لأن الكهرباء لا تأتي أكثر من ساعة في اليوم، ويشتري لتر البنزين بما لا يقل عن 4 آلاف ليرة.
وتحتاج 8 ساعات عمل يومية إلى 10 لترات، وهذا دون تشغيل “الشوديرات”، التي تستهلك الكثير من الطاقة أيضاً.
وكل المنتجين الذين ما زالوا في البلد ولم يرحلوا لا يطلبون شيئاً سوى تأمين الكهرباء، ويتساءل المصدر “عما يحول دون دعم سوريا بسفينتي محروقات من الدول الصديقة تحل مشكلة الكهرباء من جذورها؟”.
وأضاف الصناعي أن كل المطلوب حالياً من الحكومة بالنسبة لأي منتج هو العمل على تأمين الكهرباء فقط، كما أنهم مستعدون لدفع المطلوب منهم لإحضار الكهرباء، “لأن هذا سينعش البلد”.
لكنه يرى أن الأكثرية هم من المستفيدين الذين يعملون على استمرار الوضع الراهن والاستمرار بالأزمة، فمثلاً تجارة البنزين والمازوت تحقق أرباحاً طائلة للعاملين عليها، وكذلك هنالك صهاريج محروقات تباع دون أن تصل إلى المحطات المتجهة إليها.
وأشار إلى أن معظم هذه الشخصيات التي تستثمر في الأزمة لا تعمل بمفردها “بل هنالك من يتوارى خلفها ويدعمها من المسؤولين”.
إغلاقات بالجملة
وأضاف صناعي آخر لديه منشأة صناعية في اللاذقية لنورث برس، أن عدد الورش التي تم إغلاقها في الساحل كبير، حيث يداهم المحافظ شخصياً مع مدير حماية المستهلك إحدى المنشآت الصناعية بحجة أن تراخيصها غير مكتملة، “فلا يكتفون بإغلاقها وإنما يصادرون الآلات وهذا حصل مع أكثر من 100 ورشة”.
وقال إن ما يراه هو غياب كامل للخطط الاستراتيجية، وما يحصل أنهم يتعاملون مع قضايا كل يوم بيومه.
“لا تذبحوا الدجاج”
وكان رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية قد تحدث كثيراً عن المشاكل التي تواجه الإنتاج في سوريا وهو يتحدث تحت شعار الإنتاج أولاً.
ونشر على صفحته أنه لم يكن يعلم أنه “كمستثمر وطني يجب أن تكون أيضاً خبيراً في الرقص الوطني بين الألغام الوطنية لكي تستطيع العمل والنجاة بنفسك بنفس الوقت من أجل الوطن، وإلا فستسقط عنك صفة “الوطنية”.
وطالب الحكومة بدعم منظومة الإنتاج الزراعي والصناعي، والإصغاء لمشاكل المنتجين وتقديم المحفزات لهم، مضيفاً: “لا تذبحوا الدجاج لتطلبوا البيض من الديك”.
وعن تجربته مع العمل في البلد، قال المغترب حسان جميل، أنه قرر العودة إلى البلد بعد غربة 14 عاماً، لكن ما حصل أنه تعرض للسطو، وبعدما فشل وأصبح على الحديدة عاد ثانية ليبدأ مشاريعه من جديد حيث كان.
وأثارت العقوبات التي فرضت على الشخص الذي كان يصنع الصابون في بيته في محافظة اللاذقية الكثير من الاستهجان.
وطبقت على الرجل عقوبات من القانون رقم 8 لمخالفته شروط الترخيص من تغريم وسجن، بينما الرجل يعمل في بيته لـتأمين دخل لأسرته في هذه الأيام الصعبة.
هاجس أكبر
ومؤخراً، أشار رئيس الحكومة حسين عرنوس أمام مجلس الشعب في جلسته الأخيرة، إلى أن قطاع الطاقة يشكل الهاجس الأكبر في العمل الحكومي لتلبية المتطلبات من كهرباء ومازوت وبنزين، لأنه الحامل الرئيس للبنية الإنتاجية.
وشدد على أن الكميات المتوافرة من المشتقات النفطية لا تغطي 70% من احتياجات السوق، وأنه يتم توزيع نحو 401 مليون لتر يومياً من البنزين الممتاز “أوكتان 90″، و500 ألف لتر بنزين “أوكتان 95” يومياً.
كما يتم توزيع 5.5 مليون لتر مازوت يومياً، و7.500 طن فيول على قطاعات الصناعة والكهرباء للقطاعين العام والخاص.