إيزيديون سوريون: من زاروا رأس العين مبادرة فردية وليسوا ممثلين لنا

ريف الحسكة- نورث برس

رأى ناشطون وممثلون عن الإيزيديين السوريين إن زيارة شخصيات من الكرد الإيزيديين المقيمين في أوربا، هذا الشهر، لمدينة سري كانيه (رأس العين) الخاضعة لسيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة الموالية لها أظهرت مجدداً غياب شروط العودة الآمنة لنازحي المنطقة وإيزيدييها.

والإيزيديون من الأقليات البارزة في الجزيرة السورية، ويتوزع تواجدهم في غالبية المدن الكردية، لكن تواجدهم “انعدم” في منطقة سري كانيه التي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا.

ويبلغ عدد القرى الخاصة بالإيزيديين في سري كانيه الحدودية 16 قرية كانت تضم نحو 1000 شخص قبل الهجوم التركي عام 2019، بينما كان عددهم نحو ثلاثة آلاف نسمة قبيل اندلاع احتجاجات العام 2011، بحسب البيت الإيزيدي في مدينة الحسكة.

واقع مغاير للرواية التركية

ونشر ناشطون كرد على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، نبأ زيارة شخصيات من الكرد الإيزيديين المقيمين في مدينة فيشتا الألمانية لمدينة سري كانيه وذلك برفقة أحد الشخصيات الكرد الإيزيديين من تركيا والمقيم أيضاً في ألمانيا.

وأثارت الزيارة الكثير من التساؤلات، حول أسبابها في الوقت الحالي والدوافع في ظل إفراغ المنطقة كلياً من الكرد الإيزيديين ورفضهم العودة تحت الراية التركية.

وقال أورهان كمال، وهو ناشط إعلامي من المدينة، إن هذه الزيارة تم التحضير لها منذ نحو عام من قبل البيت الإيزيدي في مدينة فيشتا الألمانية ومن خلال تنسيق بين الحكومتين الألمانية والتركية.

وأضاف ‘‘كمال’’، الذي يعمل في مجال توثيق الانتهاكات في شمال شرقي سوريا، إنه ‘‘بحسب المعلومات الواردة أن الجيش التركي طلب من الوفد الإيزيدي الظهور في مؤتمر صحفي لمناشدة الإيزيديين للعودة’’.

وبحسب الناشط الإعلامي، فإن الوفد الزائر جال على القرى الإيزيدية وحي زرداشت ذي الغالبية الإيزيدية ضمن المدينة.

وقال: ‘‘رأى الوفد في زيارته بأن الواقع مغاير للأقاويل التركية، حيث تفاجؤوا بتحويل القرى الإيزيدية إلى مقرات عسكرية للفصائل وسرقة جميع ممتلكات السكان فحتى منازلهم كانت بلا أبواب وشبابيك’’.

وأشار “كمال” إلى أن منازل للإيزيديين في حي زرادشت بالمدينة، تسكنها حالياً أفراد عائلات لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهم من تمكنوا من الفرار من مخيم الهول ووصلوا للمدينة بطرق تهريب.

من هؤلاء الشخصيات؟

وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الوفد تألف من ثلاثة أشخاص اثنان منهم من الإيزيديين السوريين وآخر من إيزيدي تركيا.

وقال محمود رشو، وهو عضو البيت الإيزيدي في إقليم الجزيرة، في اتصال هاتفي لنورث برس: ‘‘نحن في البيت الإيزيدي واتحاد الإيزيديين في سوريا، ليست لنا دراية بهذه الزيارة وليست لنا علاقة مع هؤلاء”.

ورجح أن يكون الأمر “عملاً فردياً من خلال تنسيقهم مع الاحتلال التركي، وهذا أمر غير صائب في نظرنا”.

وأضاف “رشو”: ‘‘نحن مع عودة السكان المهجرين إلى منازلهم، لكن عصابات جبهة النصرة والفصائل المتطرفة التي لا تختلف عن داعش بشيء تسيطر على مدينة سري كانيه، وكل شخص يعود إلى دياره يتم تصفيته’’.

ويرى عضو البيت الإيزيدي أن هذه الزيارة تم التخطيط لها من قبل الاستخبارات التركية لتظهر أنقرة للعالم بأن أبناء الأقليات يعيشون في ظل سيطرتهم، “وهذا الأمر غير صحيح نهائياً”.

وقال “رشو” إن بعض الأشخاص والعائلات الإيزيدية في تركيا والتي تم التنسيق معها بخصوص الزيارة “ندموا على ذلك فيما بعد”.

وأشار إلى أنه ‘‘يوجد في منطقة الحسكة 60 عائلة إيزيدية وجميعها ترفض العودة، وانتقد أفرادها مبادرة إعادة المهجرين تحت الراية التركية’’.

ويعتقد عضو البيت الإيزيدي أنه في حال تم الاقرار بعودة المهجرين، “يجب أن يكون ذلك تحت مظلة الأمم المتحدة وضمانات دولية لسلامتهم.

وشدد عل موقفه: ‘‘العودة إلى منطقة سري كانيه في ظل وجود تلك الفصائل بمثابة انتحار، كون الفصائل المسيطرة على تلك المنطقة هم من عناصر تنظيم داعش الذين فروا من المعارك صوب تركيا’’.

تجربة سابقة

ومع الهجوم التركي على منطقة رأس العين، أفرغت قرى الإيزيديين من سكانها الأصليين، خوفاً من الانتهاكات التي يرتكبها المسلحون الموالون لتركيا.

وبحسب الإحصائية لأعداد السكان الأصليين حالياً  في منطقة سري كانيه التي حصلت عليها نورث برس، يبلغ عدد المسيحيين 14 شخصاً فقط، وأعداد الكرد تتراوح ما بين 50 إلى 60 شخصاً جلهم كبار في السن، بينما المنطقة فارغة كلياً من الإيزيديين.

وتقول مصادر في البيت الإيزيدي في الجزيرة، إن لهم تجربة سابقة مع فصائل المسلحة المرتبطين بالقاعدة (جبهة النصرة سابقاً) أثناء هجومها الأول على المدينة عام 2013.

 وقتل مسلحو القاعدة آنذاك شخصين من الكرد الإيزيديين في قرية الأسدية، هما علي ومراد سعدو، بالإضافة لسلب ونهب القرى الإيزيدية.

وبحسب مصادر في المدينة، فإن فصيل فرقة السلطان مراد تسيطر حالياً على القرى الإيزيدية مثل تل الصخر وجان تمر وشكرية حالياً، بينما نبش مسلحون للفصائل مقبرة للإيزيديين في قرية جان تمر بحثاً عن ممتلكات ثمينة قد تكون دفنت مع الموتى، بالإضافة لسرقة سور المقبرة الحديدي.

ويرى ‘‘أورهان كمال’’ أن المبادرات الفردية ونصب بعض الشخصيات في الخارج أنفسهم كممثلين للكرد الإيزيديين يعود إلى ‘‘تفتت المجتمع الإيزيدي وتشتت العائلات الإيزيدية في أوروبا، ما دفع بهؤلاء الأشخاص للتنسيق مع الأتراك الذين يحتلون منازلهم’’.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: حكيم أحمد