“تحرير الشام” تمنع التبغ رسمياً وتشرف على إدخاله عبر التهريب

إدلب- نورث برس

يتوجه مصطفى كامل (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، إلى ريف حلب الشمالي يومياً لتهريب الدخان “التبغ” الذي تمنع هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) إدخاله إلى مناطق سيطرتها بدعوى “التحريم”.

ويحمل “كامل” كميات محدودة من أصناف الدخان لاعتماده على دراجته النارية في كل مرة، وهو ما يساعده على عدم خضوعه للتفتيش على معبر الغزاوية الواصل بين مناطق درع الفرات وهيئة تحرير الشام.

وتشهد أصناف التبغ المختلفة في إدلب ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، بسبب منع هيئة التحرير لدخولها بشكل رسمي عبر المعابر، في الوقت الذي تفرض فيه مبالغ مالية كبيرة على الشحنات القادمة عن طريق التهريب، بحسب تجار.

الدفع لغض النظر

ويصف النازح مصطفى كامل ما يفعله بـ”فرصة عمل جيدة” بعد أن كان عاطلاً عن العمل.

ويقول إنه يحقق ربحاً يصل في بعض الأحيان إلى دولارين عن كل طرد من الدخان، فيما يبلغ مربحه اليومي قرابة 150 ليرة تركية (ما يعادل 60 ألف ليرة سورية).

ويوزع الرجل الدخان المهرب سراً على المحال التجارية في إدلب.

ويشتكي سكان في إدلب من أن الهيئة وعبر أجهزتها الأمنية تضيّق الخناق عليهم، عبر فرض أحكامها وأفكارها ومعتقداتها الدينية.

 ويشبهون تدخل عناصرها في أدق تفاصيل حياتهم بممارسات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ويقول “كامل” ومهربو دخان آخرون، إن قادة من الهيئة يشرفون على عمليات إدخال الدخان عبر مهربين، وهو ما يحقق لهم أرباحاً طائلة من خلال أخذ ضرائب تصل لآلاف الدولارات على الكميات الداخلة.

ويضيف: “تلك الإتاوات تؤدي بالتالي لغلاء جميع أصناف الدخان الموجود في مناطق إدلب”.

وبحسب مهربين وتجار دخان، فإن عمليات التهريب تتم إما من خلال معبر الغزاوية الخاضع لسيطرة هيئة تحرير الشام بريف حلب الغربي، أو الأراضي الزراعية الواصلة بين المنطقتين.

وقال رائد الدبيبي (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لتاجر دخان في إدلب، لنورث برس، إنه يدفع مبالغ كبيرة لقيادات في الهيئة يمتهنون التجارة، مقابل غض النظر عن الشاحنات المحملة بأصناف الدخان التي يدخلها من معبر الغزاوية غرب حلب.

وأشار إلى أن “آلاف كراتين الدخان تدخل من المعبر”، حيث يشترط مسهلو دخولها أخذ دولارين على كل كرتونة مقابل السماح بتمريرها.

ويضيف “الدبيبي” أن عمليات تهريب مماثلة تجري بالتنسيق مع محارس متواجدة على خطوط التماس بين مناطق ريف حلب الشمالي وإدلب.

“فالمحرس يقبض مئة دولار كحد أدنى مقابل دخول كل شحنة عبر آليات زراعية”.

آلاف الدولارات

وأُجبر “الدبيبي” على دفع مبلغ أربعة آلاف دولار لهيئة تحرير الشام، بعد أن أُلقي القبض عليه أثناء تهريبه كمية من الدخان في سيارته دون اتفاق مع مسؤولي الهيئة.

يقول الشاب إنه قضى 15 يوماً في سجون “حكومة الإنقاذ” الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، ليضطر لدفع المبلغ مقابل إطلاق سراحه واسترجاع سيارته المصادرة.

وتنتشر العديد من أصناف الدخان المستورد في مدينة إدلب وريفها، ويتراوح ثمن العلبة الواحدة منها بين أربع وست ليرات تركية (ما يقارب 2500 ليرة سورية)، وذلك تبعاً للنوع والجودة.

فيما يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من التبغ “الفرط” قرابة 250 ليرة تركية (قرابة 100 ألف ليرة سورية).

ويضطر الشاب كرم الشواف (28 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا شمال إدلب، لتحمل مشاق السفر إلى مناطق درع الفرات لتأمين كمية من الدخان ومادة المعسل يستهلكها، بعد أن باتت تُباع بضعفي سعرها الأصلي.

يقول الشاب، إن سعر علبة السجائر الخاصة به ارتفعت إلى ست ليرات تركية بعد أن كان يشتريها بنصف هذا المبلغ.

إعداد: سمير عوض- تحرير: حسن عبد الله