حكاية نهر الفرات بين الجفاف والقداسة

القامشلي ـ نورث برس

تنتشر، كل يوم، صور مأساوية وصادمة لحال نهر الفرات، أكبر أنهار سوريا بعد أن تراجع منسوب تدفق المياه فيه بشكل مثير للقلق، وإلى درجة كارثية.

انخفاض نهر الفرات

وتقول جهات حقوقية مهتمة بشأن الفرات، إن منسوب نهر الفرات انخفض بمعدل خمسة أمتار لأول مرة في التاريخ بسبب حبس الجانب التركي لمياه النهر بحيث بات لا يتجاوز تدفقه 200 متر مكعب في الثانية، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقية الموقعة بين سوريا وتركيا عام 1987.

مشاهد صادمة لنهر الفرات في سوريا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي توضح انخفاض منسوب المياه فيه.

آثار انخفاض نهر الرات

جغرافية الفرات

الفرات هو أحد الأنهار الكبيرة في جنوب غرب آسيا. ينبع النهر من جبال طوروس في تركيا، ويتكون من فرعين، هما: مراد صو، شرقاً، وينبع من بحيرة وان وجبل أرارات في أرمينيا، وقره صو، غرباً، وينبع من شمال شرقي الأناضول. والنهران يجريان في اتجاه الغرب ثم يجتمعان فتجري مياههما جنوباً مخترقة سلسلة جبال طوروس الجنوبية.

مجرى نهر الفرات ودجلة

ثم يجري النهر إلى الجنوب الشرقي ليدخل نهر الفرات في الأراضي السورية عند مدينة جرابلس، وفي سوريا ينضم إليه نهر البليخ ثم نهر الخابور وثم يمر في محافظة الرقة ويتجه بعدها إلى محافظة دير الزور، ويخرج منها عند مدينة البوكمال.

ويلتقي به في العراق نهر دجلة، فيشكلان شط العرب الذي تجري مياهه مسافة 90 ميلا (120 كم) لتصب في الخليج العربي. ويطلق على العراق بلاد الرافدين لوجود نهري دجلة والفرات بها.

المندائية وطقوس النهر المقدس

نهر الفرات، كان سبباً في حياة من كان يعيش على ضفافه. كما أنه من أغز أنهار المنطقة, ويوفر الماء اللازم للأراضي الخصبة في كثير من الحواضر والمدن والقرى.

وبات بما يتصف به من جمال طبيعي مثار حديث لا ينتهي. وحالة جعلت منه نهراً مقدساً. خاصة عند “المندائية”.

والمندائية، هي أكثر الأديان تقديساً لهذا النهر. حيثُ يتم التعميد في ماءه لدخول المندائية. وأنه واحد من أنهار الجنة، كما تقول كتبهم المقدسة: “صغيراً أنا بين الملائكة الأثريين طفلاً أنا بين النورانيين، ولكني أصبحت عظيماً، لأنني شربت من ثغر الفرات”.

والمندائية، أو الصابئية، هي أحد الأديان الإبراهيمية، يؤمن أتباعها بأن يحيى بن زكريا هو صاحب رسالتهم، وأتباعها من الصابئة يتبعون أنبياء الله آدم وشيث وإدريس ونوح وسام بن نوح ويحيى بن زكريا.

ويعيش المندائيون في عدد من المحافظات العراقية الجنوبية والوسطى. كما تعدّ المندائية أقدم ديانة موحدة عرفتها البشرية، نشأت في أرض وادي الرافدين وتحديداً في جنوب العراق في مدينة “أور”، والمناطق السهلية القريبة من الأهوار والأنهار التي ترتبط طقوس هذه الديانة به، لأهمية الماء في عقيدتهم.

ولا يزال السواد الأعظم من أتباعها في العراق، كما أنهم متواجدون في الأحواز بإيران، إلا أن عددًا كبيرًا منهم هاجر بسبب الحروب، وسوء الأوضاع الأمنية في العراق.

حكاية الفرات لن تنتهي. وهو النهر الذي ورد اسمه في الديانات السماوية، وعند الكثير من العقائد.

إعداد وتحرير: نور حسن