منازل في إدلب تمتهن زراعة الفطر

إدلب- نورث برس

بعد بحث طويل عن فرصة عمل، قررت نورة الحميدي (33 عاماً)، وهي من سكان بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، أن تزرع الفطر في غرفة بمنزلها، على أمل أن تحصل منه على غذاء لعائلتها وعلى مبلغ مالي من بيع الفائض في الأسواق المحلية.

تقول لنورث برس: “أردت الاستفادة من المساحات المهملة في منزلي، قبل عام فلم أجد أفضل من زراعة الفطر، باعتباره يشكل مصدر طعام ويوفر مردوداً لا بأس به، إضافة لسهولة زراعته”.

وبدأ الاهتمام بزراعة الفطر في إدلب مؤخراً، نتيجة حاجة السكان لمصادر جديدة للدخل والغذاء، في ظل شحّ فرص العمل والغلاء والأوضاع المعيشية المتردية.

وزاد من انتشار هذه الزراعة بين السكان، أن الفطر ينمو في الأقبية والغرف الرطبة، دون الحاجة لتوفير مساحات من الأراضي الزراعية.

مصدر جيد

وتستخدم “الحميدي” الحطب لإشعال النيران وتسخين المياه من أجل تعقيم القش الذي يُعبأ في أكياس وتزرع فيه البذور.

وتقوم بإغلاق الأكياس بإحكام، وتعليقها في غرفة مظلمة ورطبة، من ثم تقوم بثقب كل كيس عدة ثقوب للسماح بخروج الفطر.

حيث تحتاج لرش الأكياس بالماء بين الحين والآخر، لتحافظ على رطوبتها لما يقارب 20 يوماً، فيبدأ نبات الفطر الطازج بالنمو من ثقوب أكياس القش، لتقوم هي بقطفها بغرض إعدادها كوجبة طعام لأولادها أو بيعها في السوق.

وتحصل “الحميدي” على نحو 20 كيلوغراماً من الفطر في كل مرة تقوم بقطافه والذي يتم ثلاث مرات خلال العام، ما يساهم بمردود جيد لها.

ويقول عبسي الجانود (40 عاماً)، وهو من بلدة إحسم بريف إدلب، إنهم كانوا في الماضي يتكبدون مشقة البحث عن نبات الفطر الطبيعي في البراري والأحراش وعلى أطراف التلال في أيام الشتاء الرطبة.

“لكننا اليوم نزرعه في بيوتنا على مدار العام عند توفر الظروف البيئية المناسبة من حرارة ورطوبة”.

بديل اللحوم

ويعتبر بعض سكان إدلب الفطر بديلاً عن اللحوم التي ارتفعت أسعارها، حتى لم يعد شراؤها بمقدور غالبيتهم.

ويقول المهندس الزراعي بسام العبيد (45 عاماً)، إن زراعة الفطر قد تشكل حلاً عملياً وزراعةً بديلة وقت المواسم الزراعية الضعيفة.

فيمكن أن تُخصص لزراعته أماكن مهملة، دون أن ينافس الزراعات الأخرى في التربة.

كما بإمكان العائلات الفقيرة والنازحين الذين لا يملكون مساحات أراض واسعة زراعته، بحسب المهندس.

وأكثر الأنواع التي تنتشر زراعتها في إدلب هي الفطر الأبيض والفطر المحاري الصدفي، نظراً لسهولة إنتاجهما وتوافر مستلزمات زراعتهما.

ويشير “العبيد”  إلى أن مشروع زراعة الفطر ذو جدوى اقتصادية ربحية تصل إلى نحو 200 بالمئة، ما يجعله مناسباً لذوي الدخل المحدود والإمكانات الضعيفة، “على اعتباره قليل التكلفة مقارنة بالمشاريع الزراعية الأخرى”.

وينتج كل كيلوغرام واحد من بذور الفطر حوالي 25 كيلوغراماً منه.

وتباع البذور في الصيدليات الزراعية بـ 25 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد (نحو عشرة آلاف ليرة سورية)، فيما يباع الكيلوغرام الواحد من الفطر بسعر 20 ليرة تركية.

ويحتوي الفطر على نسبة عالية من البروتين والماء، بالإضافة إلى العناصر الغذائية كالألياف والكربوهيدرات والفيتامينات، كما يحتوي على العديد من المعادن منها اليود والكالسيوم والحديد.

وبحسب المهندس الزراعي، فإن الفطر هو البديل الأول عن اللحوم، ويُعَد مُنتجاً نظيفاً وآمناً من المبيدات والهرمونات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها أغلب السكان.

إعداد: حلا الشيخ أحمد- تحرير: حسن عبدالله