عين عيسى- نورث برس
تستيقظ ناديا نواس (35 عاماً)، وهي من سكان ريف الرقة، شمالي سوريا، مع أفراد عائلتها مع بزوغ الفجر للعمل في قصب الزل (الزروب)، بهدف مساعدة زوجها في تأمين احتياجاتهم اليومية.
وتعمل نساء وعائلات في الرقة وريفها على إعادة تدوير قصب الزل الذي ينبت على ضفاف نهر الفرات أو في أقنية النهر، لبيعها كزينة للمطاعم وأسقف للحماية في الظلال أمام المحال التجارية والمنازل الشعبية.
ويعتمد بعض سكان الريف في الرقة على قصب الزل في بناء أسقف الغرف الطينية، أو لحمايتهم من أشعة الشمس صيفاً واستخدامات أخرى في تزيين الأماكن.
وتراجع استخدام هذا النبات فترة من الزمن، إلا أن الطلب عليها عاد إلى الواجهة من جديد.
ومنذ الربيع الماضي، انتقلت أسرة “ناديا” التي تضم ثلاثة أطفال، وأسرة أختها المتزوجة من شقيق زوجها، للسكن في خيمتين متجاورتين على ضفة إحدى قنوات الري لنهر الفرات قرب الطريق العام في قرية الحزيمة، 20 كم شمال الرقة.
تقول إن نقل المسكن جاء بسبب نقص فرص العمل في المدينة ولأنهم وجدوا في العمل بالقصب مصدر كسب أفضل.
وتضيف لنورث برس أنهم يعملون منذ الفجر وحتى ساعات متأخرة من المساء للمساهمة في تأمين احتياجات العائلة الأساسية.

“لقمة عيش”
ورغم مشقة المهنة، تستمر ناديا فيه لأنه “يؤمن لنا لقمة عيشنا في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في سوريا، فقد دفعتنا قلة فرص العمل للرجال لمساعدة أزواجنا”.
لكن ظروف السكن في خيمة على جانب طريق عام تحرم أفراد العائلة من الكثير من الراحة، “خيمتنا المكشوفة لا تحمينا من برد الشتاء أو حرارة الصيف، لكننا مجبرون على العمل لنؤمن لقمة العيش لأطفالنا”.
ويتعاون الرجلان، زوج ناديا وشقيقه، مع باقي أفراد العائلة على قطف القصب وجلبه إلى الخيمة وتقشير الأعواد وتنظيفها فيما بعد.
ولا تبعد السواقي كثيراً عن الخيمة إلا أن عمقها الذي يصل لأربعة أمتار يجعل نقل الأعواد صعباً، “نقوم بحملها على ظهرنا بعد أن نكون قد قطفناها مع الرجال وجمعناها على شكل حزم”.
وتعتبر المرأة أن عودة البعض لاستخدام قصب الزل في محال تجارية وغيرها، في ظل الظروف الصعبة، أتاح فرص عمل لبعض الأسر بريف الرقة.
وكان قصب الزل شائع الاستخدام في القرى، إذ استخدمه السكان قبل ظهور المواد الإسمنتية في أسقف المنازل، إضافة لصنع سلال لحفظ الخضار، والصناديق والأطباق وبعض الأدوات الموسيقية كالناي ومناظر زينة، بحسب هنوف.
“مردود قليل”
بدورها تعاني هنوف نواس (٣٠ عاماً)، وهي شقيقة ناديا وأم لأربعة أطفال، من العمل الشاق أثناء النزول إلى الساقية والصعود منها ونقلها جراً أو حملاً، “إضافة إلى جرح أصابعنا وأيادينا أثناء تنظيف الأعواد وتقشيرها”.
ولا يكفي مردود كل تلك المشاق حاجات العائلتين اليومية ما يجعلهم إلى الاعتماد الاقتصار على المستلزمات الأساسية من زيت وسكر وخبز إضافة إلى مصاريف الأطفال السبعة والجدة، على حد قول هنوف.
وتبيع الشقيقتان وسطياً كل يوم شدة من القصب المنظف والمؤلف من 150 عوداً (يبلغ طوله بين مترين وثلاثة أمتار) مقابل عشرة آلاف ليرة سورية على الطريق العام قرب الخيمتين.
وتضيف هنوف، لنورث برس، أنهم يحتاجون إلى بيع أضعاف ما يبيعونه لتحمل تكاليف عيش الأطفال، الذين يحتاجون الحليب والأطعمة الصحية وعلاجهم أثناء المرض.
وقالت “نعمل بشكل يومي ولكن لا يباع القصب كل يوم فهناك أيام نبيع شدتين وعدة أيام لا نبيع شيئاً”.