الرقة- نورث برس
يتحسر بشير الحسين (٦٠عامٱ)، وهو مزارع في قرية الحمام، 25 غرب الرقة شمالي سوريا، على شتلات القطن التي كلّفته مصاريف وتعباً طيلة الصيف و فتكت بها آفة الدودة الشوكية.
مساحات زراعية متنوعة كالقطن والذرة الصفراء وبعض الخضروات، أتت عليها الآفات، لا سيما في قرى الحمام والبارودة والسحل بريف الرقة.
وتنتشر حشرات حرشفية الأجنحة كالدودة الشوكية ودودة حفار الساق في كثير من الأراضي الزراعية التي سجل بعضها إصابات شديدة، بحسب مكتب الوقاية في لجنة الزراعة بالرقة.
وتعرف الدودة الشوكية أو دودة القطن بأنها حشرة لا يتجاوز طولها ثلاثة سنتيمترات، بيضاء اللون تأكل جوز القطن والزهرة فور صدورها، ما يؤدي لفشل المحصول القطن.
أما دودة حفار الساق، فهي بيضاء اللون مائلة إلى الصفراء (طولها ما بين ثلاثة وأربعة سنتيمترات) تحفر في أوراق النبات الملتفة، وعند نمو الأوراق تقوم بفتح ثقوب منتظمة فيها وقد تحفر في ساق النبات مسببة موت قمة النبتة، بحسب مكتب الوقاية.
وقال المهندس حمود الخلف رئيس مكتب الوقاية في الرقة، لنورث برس، إن “رش المبيدات الحشرية ووضع الأسمدة اللازمة للمحصول والسقاية المستمرة لم يجد نفعاً، فالديدان ماتزال في ازدياد”.

إنتاج قليل
وبلغت تكلفة زراعة 37 دونماً زرعها “الحسين” بالقطن ما يقارب 2000 دولار أميركي، ولا يتوقع أن يتجاوز إنتاجها الكلي 500 كغ، “وهو ما ينتجه دونمان في الأحوال العادية”.
لكنه يستمر في سقاية الأرض ليبيعها كحشائش لمربي الأغنام بعد القطاف أملاً في تعويض جزء من خسارته.
وفي الثالث عشر شهر ايلول /سبتمبر الجاري، رفعت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تسعيرتها لشراء محصول القطن من 1950 ليرة إلى 2500 ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
ولكن هذه التسعيرة لا تغطي مصروف “الحسين” مع سوء حال المحصول وإنتاجه القليل المتوقع.
وتحتل الزراعة المرتبة الاولى في الرقة من حيث عدد العاملين فيها والمساحات المزروعة، وتعتبر إحدى أهم مقومات الاقتصاد المحلي، كما يأتي القطن في المرتبة الثانية بعد القمح بين المحاصيل الاستراتيجية.
وفي السنوات الأخيرة، تراجع مردود الزراعة مع تدهور قيمة الليرة السورية وارتفاع سعر الأسمدة والمبيدات الحشرية وقطع غيار المحركات التي يسقون فيها الأراضي وأجور الحراثة، بحسب اتحاد الفلاحين في الرقة.
وقال ياسر العساف (29 عامٱ)، وهو مزارع في قرية البارودة، 15 كم جنوب غرب الرقة، إن “التلف بسبب الدود” طال محصوليه من القطن والذرة الصفراء.
وانتقد عدم تقديم أي دعم أو تعويض من لجنة الزراعة.
ويصف حال مزروعاته بأنها “لا تصلح إلا مرعى للأغنام”.
ويلجأ مربو المواشي لشراء حشائش المحاصيل الزراعية وسط نقص المراعي بسبب شح الأمطار الشتاء الفائت وغلاء الأعلاف هذا العام.
مكافحة لم تنفع
وأضاف “العساف” أنه كافح الآفة بمبيد حشري، “لكن التلف والجفاف كان نصيب أوراق النبات”.
ويحمّل المزارع مسؤولية خسارته للمسؤولين عن الإرشاد الزراعي، “ينبغي أن تكون الدراسات والإحصائيات أكثر دقة وفعالية وبإشراف مهندسين ومختصين أصحاب خبرة على أرض الواقع”.
ويرى أن على هذه الجهات وضع خطط مستقبلية لتلافي مثل هذا الوباء، ومراقبة بائعي الأدوية الزراعية، سواء ما يخص تسعيرتها أو فعاليتها في مكافحة الآفات ومناسبتها للمحصول المستهدف.
وبما أن مردود الأراضي الزراعية من مادة القطن غير مخصص للبيع إلا لشركة تطوير المجتمع الزراعي، يقترح “العساف” على الشركة دعم المزارعين ومساعدتهم وإقراضهم الأسمدة والمبيدات والبذور، وسدادها موسم القطاف.
وفي الثلاثين من آب/اغسطس الماضي، أصدرت هيئة الاقتصاد والزراعة في المجلس التنفيذي لشمال شرق سوريا قراراً يمنع فيه بيع مادة القطن لأصحاب المحالج والتجار، وحصره بشركات تطوير المجتمع الزراعي.
وقال عبد الحميد، وهو عضو في اتحاد فلاحي الرقة، إن محاصيل عدة تضررت في أرياف مدينة الرقة، “ووردتنا شكاوى من المزارعين فيما يخص قلة الإنتاج وانتشار واسع لآفة الدود خاصة في محصول الذرة الصفراء والقطن”.
“وسجل محصول القطن الذي يتم اقتطافه حالياً أدنى قيمة إنتاجية فبعض الأراضي أتلفت بأكملها، ولم تتجاوز قيمة إنتاج الهكتار الواحد لأخرى قيمة أجور العمال، فالإنتاج بحسب حجم الإصابة يتراوح بين صفر و 200 كغ للدونم الواحد”.
ويعتقد “الحميد” أنه يتوجب تفعيل مكتب الوقاية الزراعي في الرقة ودعمه بالمبيدات والأدوية الزراعية ليخدم حاجة المزارع.

عدم الاسترشاد
وبدوره قال حمود الخلف، وهو رئيس مكتب الوقاية في لجنة الزراعة والري التابع لمجلس الرقة المدني، إن عمل لجنة الزراعة والري لهذا العام يقتصر على ترميم قنوات الري المدمرة، لأنها الأكثر ضرراً على المزارعين.
وأضاف أن مكتب الوقاية على علم بالضرر الذي لحق 50 بالمئة من المحاصيل الزراعية بريف الرقة.
وأشار “الخلف” إلى أن أغلب المزارعين المتضررين ارتكبوا أخطاء مثل رش المبيدات في غير وقتها أو رش وخلط مبيدات غير ملائمة للنباتات بعد استفحال الدودة في المحاصيل الزراعية.
ويعزو “الخلف” سبب استفحال الآفة لعدم مراجعة المزارعين للوحدات الإرشادية الموزعة في القرى لأخد الإرشادات اللازمة حول كيفية معالجة الآفة أو الوقاية منها.
وتضم أرياف الرقة ست وحدات إرشادية، لكنها أعلنت في وقت سابق عن عدم توفر أي خطط لدعم المزارعين بالمبيدات هذا العام.
وأشار “الخلف” الى أنه يجب الالتزام بالمساحات المحددة لزارعة المحاصيل لأن هذه الآفة تنشط وتنتقل بسرعه بين المحاصيل خاصة في فصل الخريف.