أمراضٌ في إدلب سببها فضلات منشآت تصرَّف في نهر العاصي

إدلبنورث برس

يرتاد مصطفى الرزوق (34عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، عيادةً طبية مرتين أسبوعياً لعلاج مرض التيفوئيد الذي أصيب به الشهر الماضي، وذلك بعد ممارسته لهواية السباحة في نهر العاصي برفقة عدد من أصدقائه.

ويعانى النازح من أعراض مرضية كحمى شديدة وضعف عام في الجسم وفقدان الشهية وغثيان وألم في البطن، إضافة إلى آلام في المفاصل والعضلات وظهور بقع وردية على جسمه.

ويقول “الرزوق” إن الطبيب أخبره بعد إجرائه التحليلات المخبرية أن المياه الملوثة كانت السبب في إصابته هو واثنين من أصدقائه بالمرض.

وتصب مياه الصرف الصحي للعديد من المطاعم والمسابح والمنازل والشاليهات المنتشرة على طول امتداد نهر العاصي في مياه النهر، وهو ما يتسبب، وبحسب أطباء في إدلب، بإصابة أشخاص بأمراض بعد السباحة في مياهه.

وتمتد على ضفاف نهر العاصي مئات المسابح والمنتزهات وخاصة في مناطق دركوش والجانودية الواقعتين بمنطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، بالإضافة إلى معاصر زيت الزيتون ومعامل النايلون التي تعمل على تصريف جميع فضلاتها في النهر.

ويقول سكان من إدلب إن مشكلة إفراغ المياه المتسخة في النهر قديمة وكان التلوث يقتصر على مناطق معينة من النهر، لكن ازدادت المشكلة في الآونة الأخيرة بسبب التطور العمراني والبناء غير المنظم على ضفافه، بالإضافة لغياب تام للرقابة على هذه المنشآت.

أمراض جلدية

ورغم تتكرر حوادث الغرق في النهر، يقصد سكان في إدلب وخاصة النازحون النهر بقصد السباحة مع قدوم فصل الصيف في كل عام وارتفاع درجات الحرارة.

وفي الثالث والعشرين من نيسان/ أبريل الماضي، انتشلت فرق الغطس التابعة للدفاع المدني جثة طفل ووالده كانا قد قضيا غرقاً في مياه نهر العاصي بريف مدينة سلقين غرب إدلب، سبقه غرق شابين في مجمع مائي في منطقة عين الزرقا.

وبحسب رائد العبي (45عاماً) وهو اسم مستعار لأخصائي أمراض جلدية في مشفى حارم العام التخصصي شمال إدلب فإن المشفى استقبل خلال الشهرين الماضيين قرابة 150 إصابة بأمراض جلدية مختلفة.

وذكر الطبيب أن من بين هؤلاء، أصيب أكثر من 85 شخصاً بأمراض مزمنة “نتيجة تعرضهم لمياه نهر العاصي بشكل أو بآخر”.

وأشار إلى أن معظم الإصابات المسجلة هي لسكان بلدات محاذية للنهر.

كما سجل أيوب زكور (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب أمراض جلدية ويمتلك عيادة خاصة في إدلب، 25 حالة مرضية وتحسسية “سببها السباحة في المياه الملوثة”،خلال الشهرين الماضيين.

وبحسب “زكور”، فإنه يعقب السباحة في المياه الملوثة عادةً أعراضٌ أبرزها التسمم والغثيان والتقيؤ والمغص والإسهال وآلام في البطن بالتزامن مع ظهور بقع وطفح جلدي كثيف، إضافة لالتهاب الأذن.

“ريٌّ غير شرعي”

ويرى رافي السويد (47عاماً) وهو اسم مستعار لمهندس زراعي في إدلب في اعتماد مزارعين على طرق ري “غير شرعية” سبباً آخر لتلوث النهر.

وذكر المهندس الزراعي أن معظم المزارعين الذي يمتلكون بساتين على ضفاف النهر يعمدون إلى ري محاصيلهم من خلال حفر مجارٍ مائية تصل بين النهر وأراضيهم بشكل مباشر، حيث يعملون على رش الأسمدة والمبيدات الحشرية في الماء لضمان وصولها إلى كافة المحصول.

وتؤثر هذه الطريقة وبحسب “السويد” سلباً على النهر نتيجة عودة كمية كبيرة من المياه المخلوطة بهذه المواد إلى النهر، ما يؤدي إلى موت الأسماك وهروبها، عدا عن الأضرار الصحية التي تلحق الأشخاص الذين يقصدونه.

وبداية الشهر الجاري، أصيب خالد العبد الله (28عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة سرمدا شمال إدلب، بطفح جلدي.

ويقول “العبد الله” إن أعراض المرض بدأت تظهر عليه وعلى أطفاله بعد خروجهم من النهر بفترة قصيرة، ليتبين فيما بعد أنهم أصيبوا بالمرض وهم يخضعون الآن للعلاج في إحدى العيادات المتخصصة.

ويضيف أنه صادف العديد من الحالات المرضية في عيادة الطبيب الذي يشرف على علاجه، “سببها تلوث مياه النهر”.

إعداد: سمير عوض- تحرير: سوزدار محمد