جدار تركيا العازل.. تعدّي جديد على أملاك السوريين
اللاذقية – NPA
شهدت الحدود السورية التركية والبالغة /822/ كم عبر التاريخ، العديد من الأزمات والإشكالات، إذ كانت "بوابة الغزو العثماني للعالم العربي لاحتلاله وبوابة خروجه وإنهاء /400/ سنة من الغزو والنهب والإجرام بحق المكونات السورية".
أعيد ترسيم هذه الحدود بعد اتفاق "سايكس بيكو" وبقيت على حالها ليومنا هذا، حيث لعبت الدور الأكبر في تأزّم الوضع السوري مع تجدد المطامع التركية بهذه الجغرافية، فمرة تدّعي حمايتها للمدنيين ومرّة تدعي محاربتها "الإرهاب" لكن هدفها الأساسي بات واضحاً وهو اقتطاع مزيد من الأراضي السورية.
فعندما بدأت ببناء تركيا الجدار الإسمنتي بين ريف اللاذقية الشمالي وأراضي لواء اسكندرون وبمسافة /300/ كم أعلنت أن الحجة هي لمنع التهريب وضبط الحدود، لكن سكان القرى الحدودية يؤكدون أن الجانب التركي اقتطع أجزاء من بساتينهم ومزارعهم المحاذية للشريط الحدودي.
حيث يظهر في تسجيل مصوّر خلال هذا العام 2019 الجرافات والآليات تعمل على بناء الجدار العازل من جبل الأقرع وصولاً لمنطقة السمرا، تخترق مساحات كبيرة من أملاك المدنيين.
كما أكد سكان الشريط الحدودي لـ"نورث برس" أن التعديات التركية قد طالت دونمات من أراضيهم وهم لديهم كل الثبوتيات القانونية التي توثّق سلب الأتراك لهذه الأراضي.
فالعديد من القرى والبلدات المحاذية لهذا الشريط أبرزها بلدة كسب التي تسكنها الغالبية الأرمنية والتي نالت نصيبها من "إرهاب" الفصائل المسلحة وفتحت تركيا لهم الحدود بهدف الوصول لمدينة اللاذقية الساحلية، سرعان ما تكشف الهدف الأساسي لهذا الخرق وهو إزالة كل الدلالات والشاخصات التي تؤكد ملكية الجانب السوري لهذه الأرض.
ومنذ ذلك الوقت بدأت عمليات التغيير لمخطط الحدود ولتبدأ تركيا بناء جدارها العازل الممتد من ريف اللاذقية الشمالي مروراً بإدلب وريف حلب الشمالي، وصولاً لريف الحسكة الشمالي.
كما تستخدم تركيا شتى الوسائل لتمرير مشروعها في الشمال السوري بشكل عام وريف اللاذقية بشكل خاص حيث الجغرافية الجبلية والتضاريس القاسية التي يصعب ترسيمها وحمايتها.
الوضع الراهن لسوريا وانشغال القوات الحكومية السورية بالحرب ضد فصائل المعارضة المسلحة شكّل فرصة جديدة لتركيا للانطلاق بمشروعها التوسعي، فمن جهة تسوّق للعالم أنها تغلق الحدود عبر بناء هذا الجدار لمنع تدفّق النازحين، في حين تقوم بفتحه وقت تشاء لاستهداف السكان المدنيين والقرى الآمنة قرب هذه الحدود كما يحصل الآن في مناطق شرق الفرات حيث تحولت هذه الحدود لبوابة غزو جديد يعيد للذاكرة الاحتلال العثماني الذي لم ينساه أساساً سكان هذه المناطق.