مزارعو قطن بريف الحسكة: إنتاج العام هو الأسوأ

تل تمر– نورث برس

يراقب نواف يوسف، هذه الأيام، إنتاج أرضه المزروعة بالقطن في تل تمر بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا، ولا يبدو راضياً عن الكميات القليلة بعد أن كان يمني نفسه بموسم جيد.

ويتحسس المزارع عينة القطن التي ملأ بها كفه متفحصاً جودتها ونسبة الرطوبة فيها، بينما تقوم عاملات بتعبئة “الذهب الأبيض” في أكياس نايلون.

ويقول ‘‘يوسف’’ لـنورث برس: ‘‘إنتاج القطن هذا العام متدنٍّ مقارنة مع المواسم الفائتة بسبب عدم تمكننا من ريّ المحصول بالشكل الكافي، جراء عدم استلامنا كامل مخصصاتنا من المحروقات’’.

وفي الثالث والعشرين من آب / أغسطس الفائت، حددت هيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، سعر شراء محصول القطن من المزارعين بـ 1950 ليرة سورية.

وفي آذار/ مارس الماضي، حددت حكومة دمشق تسعيرة شراء القطن بـ 1500 ليرة، بينما أعلنت في السابع من أيلول/ سبتمبر الجاري رفعها إلى 2500 ليرة سورية.

نضج مبكر

وبدأ المزارع السبعيني كغيره بجني محصوله في وقت مبكر، بعد أن أصابه العطش الذي تسبب بتفتح جوز القطن قبل موعده.

ويضيف: “سابقاً كنا نستمر بسقاية محصول القطن حتى نهاية الشهر التاسع لنجني المحصول منتصف العاشر، لكننا توقفنا عن السقاية هذا العام منذ منتصف الشهر الثامن  بسبب عدم حصولنا على وقود المازوت (الديزل)’’.

ومنذ عقود، اشتهرت منطقة الجزيرة السورية بزراعة القطن التي احتلت المرتبة الثانية فيها ضمن المحاصيل الاستراتيجية بعد القمح.

وتراجعت زراعة القطن في منطقة الجزيرة خلال سنوات الحرب، لا سيما خلال العامين الأخيرين بعد سيطرة الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة الموالية له، على مساحات زراعية من منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض.

وتبلغ المساحات المزروعة بالقطن في منطقة تل تمر نحو 9242 دونماً، بحسب تقديرات لجنة زراعية محلية للإدارة الذاتية.

نقص وقود

ويحتاج محصول القطن إلى الريّ طوال فصل الصيف والذي كان مصدره في ريف تل تمر من نهر الخابور والمجاري المائية بالإضافة للآبار.

 لكن جفاف نهر الخابور مبكراً هذا العام  بسبب قلة الهطولات المطرية وإقدام الفصائل على إقامة السدود الترابية على مجرى النهر، منع وصول المياه إلى مناطق الإدارة الذاتية، وحرم المزارعين من الاستفادة منه.

فيما يحتاج الاعتماد الكامل على الآبار إلى كميات من وقود المازوت (الديزل) وتكاليف إضافية.

وتخصص الإدارة الذاتية كل عام كمية محددة من الوقود للمحاصيل الزراعية التي تعتمد على الريّ، بحسب المساحة المزروعة ونوع المحصول.

 لكن مزارعي قطن في تل تمر اشتكوا من تأخر توزيع الوقود، وهو ما أسفر عن التأخر في سقاية القطن وتدني إنتاج محصولهم هذا العام.

ويرجّح ‘‘يوسف’’ أن إنتاج القطن في أرضه ومحيطها لن يتخطى 150 كغ للدونم الواحد، وهي “كمية ‘قليلة’ بالكاد تجنب الخسائر”.

عطش وآفات

ويضيف  محمود العبيد (55 عاماً)، وهو أحد المزارعين القدامى بالمنطقة، سبباً آخر لتراجع الإنتاج هو انتشار الآفات الحشرية في المحصول وقت نضجه، بالإضافة إلى قلة المحروقات.

ويقول: “في ذروة فترة السقاية خلال  شهري تموز وآب، تأخر استلامنا لدفعات المازوت، ما أدى لعطش المحصول وأثر على الإنتاج سلباً”.

وبحسب ‘‘العبيد’’ ، الذي يتحدر من قرية أم المسامير جنوب تل تمر، فإن “العام الحالي هو الأسوأ بالنسبة لموسم القطن مقارنة مع السنوات الماضية”.

وتبرر مؤسسة الزراعة في بلدة تل تمر، قلّة دعم المزارعين بالمحروقات، بالضغط الكبير الذي تشكّل على محطات الوقود أثناء فترة الموسم الزراعي، وهو ما تسبب بتأخر مستحقاتهم “لعدة أيام”.

وقدرت أفين أحمد، وهي إدارية في قسم الإنتاج النباتي في زراعة تل تمر، نسبة الإنتاج هذا العام بما يتراوح بين  250 كغ و 300 كغ للدونم الواحد.

 وخلال الأعوام الماضية، كان يمكن لمعدل  إنتاج القطن أن يتخطى 450 كغ للدونم الواحد، وهو ما لن يطاله طموح أي مزارع هذا الموسم.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: حسن عبدالله