المدرسة.. محاولة البحث عن نموذج فكري يضمن التنوع والاختلاف

القامشلي ـ نورث برس

صدر عن دار المتوسط، ميلانو، وفي طبعته الأولى، 2019، كتاب “صفحات من دفتر قديم.. 7 كُتَّاب سوريون يروون سيرهم المدرسية”، وهو مكوّن من 327 صفحة، ومن إعداد رستم محمود، وتقديم ـحمد بيضون.

والكُتَّاب المشاركون هم: فاروق مردم بِك، وممدوح عزّام، وصالح الحاج صالح، وكوليت بهنا، وسلام كواكبي، وروزا ياسين حسن، وأخيراً، رستم محمود.

يقول أحمد بيضون، في تقديمه للكتاب: أول ما ينبغي التنويه به، لا ريب، هو تنوع هؤلاء الكُتَّاب. هُم جميعاً كًتَّاب، أي أصحاب أقلام، لجهة الحِرفة. ولكنهم، فضلاً عن توزّعهم بين مضامير كتابية مختلفة، موزّعون، وإن بغير تساوٍ، بين الجنسين، وموزعون بين جيلين مدرسيين أو ثلاثة.. فتغطي خبرتهم المدرسية ما قد يربو عن ثلاثة عقود من عمر المدرسة المعاصرة في سوريا.

ويضيف “بيضون”: في المدارس الوطنية، وقع كُتَّابنا، استثناء، على مُدرسين، يجمعون الطيبة إلى الكفاءة. وجدوا كثيراً من المتعة أو قليلاً في تعلم مادة من المواد. ولا حاجة إلى القول إن الإجادة في مادة أو موادٌّ باب إلى تعزيز الثقة بالنفس في مناخ الهوان المحيط.

“فاروق مردم بيك”، الكاتب والمؤرخ سوري، والذي عمل مستشاراً في معهد العالم العربي في باريس، يسرد في هذا الكتاب حكايات مركبة عن مدرسته التي كانت تشبه سوريا وقتئذ. ويروي أشياء تكاد أن لا تًصدّق عن سوريا التي كانت.

أما ممدوح عزام، فهو من الروائيين السورين البارزين. كتب سيرته المدرسية المرتبطة بوطأة الواقع السياسي. يقول: “ما كنت أراه من طبيعة المعلمين القاسية، التي تنعدم فيها الرحمة والشفقة، إنما كان إرثاً استعمارياً في أحد وجوهها..”.

وتحدث “صالح الحاج صالح”، وهو أيضاً صاحب قلمٍ من أقلام سوريا ، عن المعاناة والذاكرة والصور. يقول: “انتهى اليوم الأخير في المدرسة، بعد احتفال صغير، بقي في ذاكرتي كطيف، لا أتبيّن تفاصيله كلها، عماد ذلك مسرحية، أعدّها وأخرجها ومَّل فيها مُعلمنا وبعض أهل القرية وبعض الطلاب. كان دوري في المسرحية: خروف صغير، يرعى العشب طيلة فترة عرضها. هذه المسرحية ألهبت خيالي لسنوات..”.

الكتاب محاولة منهم لتقديم قراءة أدبية مختلفة عن أحد أشكال سوريا: اقتصادياً واجتماعياً وسياساً وثقافياً، وأصل هذه القراءة مشاهدات وشهادات ورؤى للحياة المدرسية التي عاشها كل واحد من هؤلاء الكُتَّاب المنتمين لجغرافيات وأزمنة وانتماءات سورية مختلفة ومتعددة.

وتقول كوليت بهنا، وهي إعلامية وكاتبة السيناريو في الدراما السوريّة، كان لها نصيب في هذا الكتاب، عن أيام المدرسة: “كثيراً ما كنت أنزوي في زاوية ما من هذه الفسحة، أتأمل هذا الجدار. وأكتشف أنه صُمّم بهذه القسوة، ليس تحاشياً لدخول اللصوص من الخارج، وإنما لتفادي هروب الطلاب من الداخل، كما كنت أخطط دوماً. نعم، خطّطتُ..”.

أما “سلام كواكبي” وهو حفيد الإصلاحي السوري “عبد الرحمن الكواكبي”، فيقول: “في مدارس البرجوازية العفنة سعى أهلي لحصري بعيداً عن العمومي من التعلم”.

وعن حياة متوازية مع حياة المدرسة، تقول “روزا ياسين حسن”، الروائية والكاتبة السوريّة: “كلنا سنصبح مجانين فو يوم ما، ونسرح في الشوارع. هذا كان رأي جدتي جميلة التي لا توفّر فرصة للتذمر من حال حياتها، ولكن، لهذا حكايات أخرى!”.

إعداد وتحرير: نور حسن