مشكلات اجتماعية وصحية لأطفال يدمنون الألعاب الإلكترونية في إدلب

إدلب – نورث برس

يقضي الطفل أمجد المنصور(11عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، شما غربي سوريا، معظم وقته على هاتفه المحمول منشغلاً بلعبته المفضلة ” فري فاير” مع عدد من أصدقائه الذين تعرف عليهم عبر اللعبة التي لا يكاد يفارقها.

“لا يحلو يومي بدونها”، يقول “أمجد” في إشارة لشغفه الكبير باللعبة وجو المرح والتسلية التي يشعر بها خلال اللعب.

ويصف أخصائيون مستويات انتشار ظاهرة الإدمان على الألعاب الإلكترونية والهواتف المحمولة بين الأطفال في إدلب “بالخطيرة” لما لها من أثر سلبي على الأطفال وسلوكياتهم.

وتساعد ظروف الحرب وأزماتها وما رافقها من نزوح وتهجير، في ازدياد تعلق الأطفال والمراهقين بالألعاب الإلكترونية والهواتف المحمولة في ظل غياب شبه تام لمساحات اللعب الآمنة والحدائق العامة.

تقول والدة “أمجد” إن ابنها يقضي قرابة ثماني ساعات يومياً على هاتفه المحمول، وهو ما أثر على سلوكياته، إذ بات يفضل العزلة والانطواء.

 إضافة لعدم الاستماع لأوامرها في ظل تقصيره في واجباته المدرسية والعائلية.

وتضيف الأم أنها حاولت منعه عن اللعب بالهاتف المحمول عدة مرات، إلا أنها فشلت، وهو ما بات يقلقها بشكل كبير.

“كلما حاولت منعه عن اللعب ينطوي على نفسه منعزلاً دون طعام أو شراب”.

شغل شاغل

وحتى أثناء اجتماع الأطفال، تجد ألعاب “فري فاير، بوبجي، كلاش أوف كلانس” محور أحاديثهم، بينما يصفها مراهقون بمتنفس لهم للاستمتاع بالوقت.

رائد الضاهر (تسعة أعوام)، هو طفل آخر لعائلة نازحة تعيش في أطراف إدلب المدينة، يقضي وقته على الهاتف المحمول متنفلاً بين الألعاب الإلكترونية، رغم أنها تسببت له بمشكلات صحية كان آخرها ضعف النظر.

يقول والده محمد الضاهر إن طفله أصبح عدوانياً نتيجة إدمانه على الألعاب الإلكترونية، وما تحويه هذه الألعاب من طابع العنف، “يؤذي الأطفال الآخرين أحياناً من خلال ضربهم بأدوات حادة ومؤذية”.

واضطر الأب للسماح لطفله باللعب على الهاتف بعد نزوحهم من ريف حماة الشمالي وسكنهم في منطقة منعزلة، لكن الأضرار تفاقمت لاحقاً، على حد قوله.

ويعتقد الآن أنه أثناء محاولة التخلص من مشكلة، وقع في مشكلات أكبر، أبرزها الآثار النفسية والصحية نتيجة إدمان طفله على هذه الألعاب.

وينوي محمد الضاهر، الآن، اصطحاب طفله إلى مرشد نفسي، علّه يتمكن من علاجه قبل أن تزداد حالته النفسية سوءً.

“وخاصة أنه بات يفضل العزلة والانطواء والأماكن المظلمة، ويرفض اللعب مع أقرانه الأطفال ويؤذيهم”.

آثار ومخاطر

ويمنع رافي السعيد (36 عاماً)، أطفاله الثلاثة من حمل الهاتف المحمول، بعد أن حضر إحدى جلسات التوعوية عن مخاطر هذه الظاهرة وأثرها على الأطفال والمراهقين.

ويرى “السعيد” أن من شأن الهواتف والألعاب إفساد تفكير الأطفال، “لما تحويه من مشاهد جنسية صريحة في الإعلانات”.

وتحذر منى الحسيب، وهو اسم مستعار لمرشدة نفسية واجتماعية تعيش في إدلب، من آثار هذه الظاهرة “الخطيرة”، والتي تؤثر على كافة المستويات النفسية والاجتماعية والفكرية والجسدية للأطفال، وخاصة من هم دون سن 15 عاماً.

وتقول إن الاكتئاب والقلق والرهاب الاجتماعي وتدنِّي الدرجات الدراسية وبطء الاستيعاب من أبرز آثار الظاهرة على سلوكيات الأطفال والمراهقين.

وترى المرشدة النفسية أن “حملات التوعوية التي تستهدف المدارس والمنازل، وتشجيع الأطفال على اللعب بألعاب مفيدة من شأنها تطوير المهارات الحسّية، وتعزيز التفكير وتحسين المهارات الاجتماعية من أبرز الحلول التي تساهم في القضاء على هذه الظاهرة”.

إعداد: سمير عوض- تحرير: حسن عبد الله