إضاءة على جوانب من تاريخ “اليزيدية” في كتاب

القامشلي ـ نورث برس

تقول الدراسات الحديثة أن اليزيديون تعرضوا عبر التاريخ إلى 72 حملة إبادةٍ شُنت ضدهم لأسبابٍ مختلفة، حيث تسببت هذه الحروب والمذابح بآثار ترسخت في النسيج الاجتماعي والعقلية “اليزيدية” فصار الانزواء عن العالم والتقوقع الاجتماعي والخوف من الغرباء سمةً أساسيةً لهم.

لكن كل هذا لم يمنع المثقفين “اليزيديين” من إنشاء مراكز ثقافيةٍ واجتماعيةٍ لتعريف العالم بديانتهم وجعل “اليزيديين” ينفتحون أكثر على العالم الخارجي.

وكان آخر هذه الحملات في 2016، عندما تعرض “اليزيديون” لهجمات متكررة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تمثلت بتفجيراتٍ وعمليات اغتيالٍ تستهدفهم في العراق.

أدّى سقوط مدينة سنجار “اليزيدية” بيد المسلحين إلى قتل المئات وسبي أعداد كبيرة من النساء والأطفال وكذلك هجرة الآلاف منهم من مدنهم وقراهم فراراً، بحسب تقارير.

وفي كتاب “اليزيدية ومنشأ نِحَلِهِم” إضاءة على جوانب من تاريخ اليزيدية، وأشار أحد النقاد إلى أن الكتاب يذكر بالعبارة التي تقول: “إنسان بلا ذاكرة هو إنسان ميت.. وشعب بلا ذاكرة، هو شعب بلا مستقبل”.

الكتاب لمؤلفة أحمد تيمور، وطُبعت أولى طبعاته في القاهرة، بين عامي 1928 – 1929، وطبعات أخرى خرجت من هذه الطبعة الأصلية.

يبدأ الكتاب بالتعريف باليزيدية، وبعقيدتهم، وأخبار شيخهم مؤسس طريقتهم ومؤلف طائفتهم، وأخبار الزعماء من ذوي المكانة والأثر.

ويتحدث أيضاً عن الزاوية العدويّة بالقرافة الصغرى المدفون فيها أحدهم، ويبحث الكتاب أيضاً في بيان أصل هذه العقيدة وما طرأ عليها من تغيرات.

ومما جاء في الكتاب هو أن “اليزيدية طائفة من الكرد يسكن أكثرهم في جهات الموصل وولاية أرَوَان الروسية، ومنهم طوائف في نواحي دمشق وبغداد وحلب”، بالإضافة إلى الجزيرة السورية.

وفي ملخص عقيدة “اليزيدية”، يقول المؤلف إن: “للقوم كتابان، كتاب الجلوة، وكتاب رش، أي الكتاب الأسود، وفيه حديث خلْق السموات والأرض وما فيها من بحار وجبال وأشجار، وخلق الملائكة والعرش وآدم وحوَّاء، وإرسال الشيخ عادي بن مسافر من الشام إلى لالش، وما كان من نزول طاووس ملك إلى الأرض وإقامته ملوكاً لليزيدية.. وفيه أن كافة الطوائف من نسل آدم وحوَّاء، وأما شيث ونوح وأنوش، وهم آباء اليزيدية الأوَّلون”.

يُذْكَر أن الملك الطاووس أو الملاك الطاووس – بالكرمنجية: Tawûsê Melek – هو شعار الديانة الأيزيدية، ويقدسون ملك طاووس الذي هو رئيس الملائكة لديهم. واسم (ووس Us) هو اسم لأحد الآلهة، ومكوَّن من (تا – ووس) (Ta -ûs) أي نور الله (كلمة).

وتشير بعض المخطوطات، إلى أن تاريخ الديانة الإيزيدية، يرجع إلى الألف الثالث قبل الميلاد.

وأنها بقايا أقدم ديانة كردية في منطقة الحضارات العظمى في الشرق، حيث يوجد في الحضارة الساسانية أصول لديانة يُطلق عليها اليزدانية، حيث كانت وقتها أحد الديانات الرسمية السائدة إلى جانب الديانات الكردية القديمة الأخرى كاليارسانية والزرادشتية والميترايية.

مؤلف الكتاب هو العلامة أحمد بن إسماعيل بن محمد تنكور المشهور بأحمد باشا تيمور (1871-1930). أديب مصري بارز، ولد في القاهرة لأب كردي وأم تركية. مات أبوه وعمره ثلاثة أشهر فربته أخته عائشة التيمورية. ودرس على يد الشيخ محمد عبده وآمن بأفكاره. كان حريصاً على عدم نشر كتبه أثناء حياته.

وبالتالي فإن لجنة على رأسها المثقف الكبير أحمد لطفي السيد قد اجتمعت بعد وفاته فنشرت عدداً كبيراً من كتبه التي تنوعت في التاريخ واللغة والتراجم والفقه وتاريخ التصوير والموسيقى والهندسة.

إعداد وتحرير: نور حسن