ضرائب “خيالية” تفرضها المالية على تجار في حماة

حماة- نورث برس

تفاجأ جميل الصغير (40عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب محل تجاري في شارع الدباغة بمدينة حماة، وسط سوريا، قبل أيام قليلة، برفع مديرية مالية محافظة حماة ضريبة محله من 100 ألف ليرة إلى مليون ليرة سورية سنوياً.

وأثارت الضريبة الجديدة استياء صاحب المحل الذي قال، لنورث برس، إنه يعجز عن دفع قيمتها بسبب تراجع العمل لديه.

ويتهم “الصغير” وتجار آخرون في حماة الحكومة بأنها تريد ملء خزينتها “الفارغة” من جيوب التجار وأصحاب الشركات والمحال عبر فرض رسوم وضرائب “خيالية” لا تتناسب مع دخلهم وأرباحهم الشهرية.

وهذا العام، رفعت مديرية مالية حماة نسبة الضرائب أضعاف قيمتها عن العام الماضي، وتراوحت بين 500 ألف ليرة وأربعة ملايين، بحسب أصحاب محال.

ويقوم موظفون تابعون للمديرية بجولات على الأسواق ومحال الأحياء واحتساب الأرباح ووضع الضريبة بناء على الأرباح التي تظهر معهم.

وقال “الصغير” إنه بات يفكر جدياً في إغلاق محله والعمل في معمل أو شركة خاصة، “فلا قدرة لي على دفع مليون ليرة كضريبة سنوياً، ستضاف إلى 800 ألف ليرة شهرياً أدفعها أجرة للمحل”.

وتفرض وزارة المالية في دمشق مئات الضرائب التي تهدف، بحسب خبراء اقتصاد، لجباية الأموال من السكان لصالح الحكومة في العديد من التعاملات التجارية والاقتصادية وغيرها.

“رشاوى وإكراميات”

ويلجأ داوود الصبر(60 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب ورشة لخياطة الألبسة في شارع المغيلة بالمدينة، لإعطاء موظفي مديرية المالية أثناء زيارتهم لورشته ألبسة وأموالاً كـ”إكراميات” تجنباً لرفع الضريبة.

والشهر الماضي، رفع موظفون من المديرية ضريبة ورشته من 200 ألف ليرة إلى ثلاثة ملايين ليرة، “لكني دفعت رشاوى فقاموا بخفضها إلى مليون ونصف ليرة”.

وفي تصريح سابق قال أحد تجار دمشق وهو عضو في غرفة تجارتها، لنورث برس، إن كل المعايير المتبعة لاحتساب وتقدير الضريبة “غير صحيحة، وليس لدى المالية الرغبة في تصحيحها”.

وأضاف أن “التكليف بحسب مزاج المكلف”، في إشارة إلى أنه يخضع لمعايير غير عادلة، “إذ يمكن لموظف المالية أن ينصفك أو يظلمك. لذلك تجد الجميع يدفعون من تحت الطاولة، كي لا تتعقد الأمور أكثر.”

وقال إن “موظف المالية يطلع على أرقام كبيرة بسبب التضخم، والقلم بيده وهو من يستطيع أن يضع الرقم مليون أو 100 مليون”.

ويصف خبراء اقتصاديون سوريا “بالجنة الضريبية” لرجال الأعمال الكبار الذين يدفعون الرشى بالملايين لتجنب دفع الضريبة المستحقة عليهم، بينما يضطر تجار الأسواق لدفع ما يُفرض عليهم.

والجنة الضريبية أو الملاذ الضريبي، يطلق عادة على جزر أو دول صغيرة جداً، لا تفرض ضرائب أو تفرض معدلات ضريبة منخفضة على الشركات والثروات فيها ويسهل التهرب من تسديدها.

تهرب ضريبي

وأثارت الضريبة التي تم فرضها على “شركة دهمان بلاست للمنتجات البلاستيكية” في حزيران/ يونيو الفائت، استياء صاحب المنشأة هشام دهمان، الذي نقل “معركته” مع المالية إلى شبكات التواصل الاجتماعي بعد تكليفه بمبلغ فاق خمسة مليارات ليرة عن ثلاث سنوات مضت.

وقرر “دهمان”، إغلاق شركته، وظهرت الكثير من ردود الأفعال من تجارٍ وجهاتٍ رسمية.

 وبعد شهرين من إغلاق شركته في حلب، نعت غرفة صناعة حلب، هشام دهمان وقالت إنه “توفي إثر أزمة قلبية”.

ومطلع العام الجاري، شنت مديرية الجمارك حملات على محال ومصانع في حلب، “بحجة” محاربة التهرب الضريبي، الأمر الذي أثار استياء رجال أعمال وتجار حلب.

ويقوم أصحاب مستودعات تجارية في حماة بإغلاق مستودعاتهم صباحاً والعمل خفية، للتهرب من دفع الضريبة المالية، كما حال طارق العظم (47عاماً) وهو اسم مستعار لتاجر مواد غذائية.

وقال “العظم” إنه يغلق مستودعه في النهار ويضطر لتنزيل البضائع في الليل وذلك “لتجنب معرفة المالية بالمستودع”.

وأضاف: “ليس لدي القدرة على أن أدفع ملايين الليرات في ظل عدم وجود مرابح وانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار”.

ونهاية أيار/ مايو الفائت، كشف وزير المالية السوري، كنان ياغي، عن تحصيل مئات المليارات من “الفاسدين”، وتوعد بمحاصرة ظاهرة التهرب الضريبي، واستمرار ملاحقة المتهمين بها.

ويعمل “العظم” حالياً وسط مخاوفه من استدلال مديرية المالية على مستودعه، “ما ستجبرني على دفع أموال لخزينتها”.

إعداد: علا محمد –  تحرير: سوزدار محمد