نازحون في إدلب يبنون غرفاً إسمنتية قد تقاوم قسوة الشتاء
إدلب – نورث برس
تمكن رعد الجمعة (41 عاماً) من بناء غرفة إسمنتية وتغطيتها بشادر ونايلون، في محاولة منه للتخفيف من معاناة السكن في خيمة يقول إنها لا تقي عائلته برد الشتاء ولا حر الصيف، وذلك بعد حياة نزوح لأكثر من عامين في خيمة صغيرة بمخيم على الحدود السورية التركية بالقرب من بلدة أطمة شمال إدلب، شمال غربي سوريا.
ويلجأ نازحون ممن يملكون قدرة مالية في مخيمات على الحدود السورية إلى بناء غرف إسمنتية صغيرة بدلاً من الخيام، بينما يلجأ من لا تساعدهم إمكاناتهم المالية لبناء غرف طينية بتكلفة أقل.
ويقول هؤلاء إن مرور سنوات على نزوحهم وفقدانهم الأمل في العودة إلى منازلهم وتداول أنباء عن نية الحكومة السورية بشن عملية عسكرية في مناطق جديدة، دفعهم لبناء هكذا منازل في محاولة منهم للتأقلم مع “الوضع البائس” الذي تعاني منه المخيمات.
ويتوزع في شمال غربي سوريا 1300 مخيماً للنازحين، تأوي أكثر من مليون نازح سوري من أرياف حماة وحلب وإدلب ومناطق سورية أخرى، بحسب فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في مناطق سيطرة المعارضة.
ومنذ أشهر، تشهد مناطق ريف إدلب الجنوبي تصعيداً وقصفاً متبادلاً بين القوات الحكومية بدعم من روسيا وفصائل المعارضة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع روسيا منذ الخامس من آذار/مارس عام 2020.
ويأتي التصعيد العسكري في إدلب بالتزامن مع حديث عن نية الحكومة شن عمل عسكري بمساندة روسيا في جبل الزاوية جنوب إدلب وسهل الغاب بريف حماة الغربي، وسط انتشار عشرات النقاط التركية في المنطقة.
ومنتصف 2019، فر “الجمعة” مع عائلته من بلدته الشريعة في منطقة سهل الغاب، بعد الحملة العسكرية للقوات الحكومية بدعم من روسيا والتي انتهت بسيطرة الأخيرة على معظم سهل الغاب.
“فقدان أمل”
ويقول النازح في حديثه مع نورث برس، إن تفاقم معاناة عائلته في خيمة صغيرة يعيش بها سبعة أفراد وفقدانه الأمل في العودة إلى منزله، دفعه لإزالة الخيمة وبناء غرفة صغيرة مع مطبخ بالقرب منها.
وأضاف: “العام الفائت عانيت كثيراً بسبب الأمطار والسيول التي شهدها المخيم لا سيما أنه مقام على أرضٍ ذات تربة حمراء، حيث دخلت المياه إلى الخيمة عدة مرات و غمرت المياه أطفالي الصغار”.
والشتاء الفائت، تسببت العواصف المطرية بوفاة أطفال وإصابة آخرين في مخيمات إدلب نتيجة انهيار خيامهم بفعل العواصف المطرية والتي تسبب أيضاً بغرق مئات الخيم.
وبالرغم أن العواصف المطرية تسببت أيضاً بتضرر العديد من الكتل الإسمنتية التي تم تشييدها من قبل بعض المنظمات، بالإضافة إلى أخرى قام نازحون بإنشائها، لكن تبقى الغرف الإسمنتية أفضل من الخيم، بحسب نازحين.
ولا ينكر من بنوا الغرف أنها تواجه صعوبات تكمن في أن المخيمات، لا سيما القريبة من بلدة أطمة شمال إدلب، أقُيمت على أراضٍ زراعية تعود لسكان البلدات المجاورة الذين اشترط معظمهم عدم السماح ببناء منازل إسمنتية في أراضيهم.
الأمر الذي جعل حلم الانتقال إلى غرفة إسمنتية أمراً أشبه بالمستحيل لنازحين أرهقهم السكن في الخيام.
وقال غالب الحسين (48 عاماً) وهو من نازحي ريف إدلب الجنوبي، إن صاحب الأرض التي بني عليها مخيم بالقرب من أطمة ويسكن به منذ خمسة أعوام، قام برفع دعوى قضائية ضده بسبب قيامه ببناء غرفتين من الإسمنت مكان خيمته.
تكاليف مرتفعة
واضطر “الحسين” لترك المخيم الواقع بالقرب من بلدة أطمة والانتقال إلى مخيم الرحمة، إذ قام بشراء قطعة أرض تقدر مساحتها بنحو 100 متر مربع بسعر يصل إلى نحو 800 دولار أميركي.
وقام “الحسين” ببناء منزل إسمنتي مؤلف من ثلاث غرف ومنافعها بتكلفة وصلت إلى 900 دولار أميركي (نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية)، على الرغم من أن السقف كان من النايلون.
وبحسب نازحين فإن تكلفة بناء غرفة ومطبخ تصل لحوالي 430 دولار أميركي (ما يعادل مليون و400 ألف ليرة سورية)، في حين أن تشييد سقفهما من الإسمنت أيضاً يوصل التكلفة إلى 800 دولار.
وتتميز البيوت الطينية بتكلفتها البسيطة التي تنحصر في شراء مواد لتغطية السقف والأبواب والنوافذ، ولا يستغرق بناؤها وقتاً طويلاً، كما يمكن لمن يستطيع العمل أن يبني بيته بيديه دون الحاجة لورشة بناء، بحسب نازحين.
ويجد بشار العبيد (31 عاماً)، وهو نازح قرية المنصورة غرب حماة ويعيش في مخيم بمنطقة عقربات شمال إدلب، أن تكلفة بناء غرفة ومطبخ وكامل السقف من الإسمنت تفوق قدرته وما ادخره خلال السنوات الماضية.
واكتفى “العبيد” كمعظم أقرانه ببناء الجدران من الإسمنت مستعيناً بشوادر من النايلون لتغطية السقف.