ذوو تلاميذ وطلاب يتهمون مدارس حكومية في حلب باتباع “محسوبيات وواسطات” للنقل والتسجيل
حلب – نورث برس
حاول فراس تيت(41عاماً) وهو من سكان حي الإسماعيلية بمدينة حلب، شمالي سوريا، للعام الثاني على التوالي نقل ابنه وهو طالب في الصف السابع إلى مدرسة “الأمين” في الحي، إلا أن طلبه قُوبل بالرفض من قبل إدارة المدرسة.
وقال “تيت” إن إدارة المدرسة أخبرته أنه يمكنه تسجيل طفله في مدرسة “صقر قريش” القريبة من مدرسة “الأمين”.
وأضاف: “لو كنت أملك دعماً صغيراً لكان ابني الآن ضمن المدرسة. ليس لدي واسطة لأسجل ابني في مدرسة الأمين مثل جاري”.
ويتهم أولياء تلاميذ وطلاب، إدارة مدارس في حلب باتباع “المحسوبيات والواسطات” في عملية نقل الطلاب من مدرسة إلى أخرى.
وقام “تيت” بتقديم شكوى لدى مديرية التربية وأخبرته الأخيرة بأنها ستتابع الأمر.
ولكن مرَّ على تقديمه الشكوى عشرون يومأً، “وحتى الآن لم ترد جواباً”، بحسب الوالد الذي اضطر وبعد يأسه من عملية النقل، لإبقاء ابنه في مدرسته القديمة “العودة” بحي السبيل.
والعام الماضي، تكبدت العائلة دفع حوالي 10 آلاف ليرة أسبوعياً لذهاب الابن إلى المدرسة والعودة منها.
واليوم الأحد بدأ العام الدراسي 2020-2021 في مناطق الحكومة السورية بجميع مراحله من رياض الأطفال والتعليم الأساسي والإعدادية الشرعية والثانوية العامة والشرعية والمهنية الصناعية والتجارية والنسوي.
لكن محمود دوغان وهو نائب مدير مدرسة “الأمين” قال لنورث برس إن التسجيل في المدرسة “غير ممكن لعدم وجود شاغر، حيث هناك 40 طالباً في كل صف”.
مدارس قليلة
وقبل الحرب السورية، كانت حلب تضم 4040 مدرسة بكادر تدريسي وإداري كان يبلغ 72 ألفاً، بحسب إبراهيم ماسو مدير التربية في حلب.
ولكن مع بدء الحرب وخروج المدارس عن الخدمة، تقلص العدد إلى حوالي 290 مدرسة فقط موزعة ما بين الريف والمدينة لنهاية عام 2016، بحسب “ماسو”.
وفي 2012 سيطرت فصائل معارضة مسلحة على الأحياء الشرقية من حلب، فيما بقيت الأحياء الغربية منها تحت السيطرة الحكومية التي شنت في 2015 وبغطاء جوي من روسيا هجمات عدة على مناطق سيطرة الفصائل.
ونهاية 2016 تمكنت القوات الحكومية من إعادة بسط سيطرتها على كامل حلب.
وذكر مدير التربية في تصريح خاص لنورث برس، أنه مع بداية العام الدراسي الحالي وتأهيل المدارس وصل عدد المدارس إلى 1480 مدرسة في حين يقابلها 562 ألف طالب، “لذلك الأمر فالمدارس تشهد صعوبة في نقل الطلاب فيما بينها”.
ويقول سكان إن الحكومة ورغم مرور قرابة خمسة أعوام على خروج الفصائل، لم تقم بأي إصلاحات أو إجراءات في البنى التحتية بعدة أحياء في حلب وخاصة القديمة ومنها المدارس، كما أنها لم تُخدِّم المنطقة بالخدمات الأساسية كالكهرباء.
وقال مالك أصلان وهو مدير مدرسة “عامر سرميني” بحي سيف الدولة، إن الطاقة الاستيعابية لاستقبال طلاب جدد غير ممكنة لدى معظم المدارس ومدرسته من ضمنها.
لكن “أصلان” لم ينكر تدخل مسؤولين “لديهم يد عليا في الدولة في نقل وتسجيل طلاب، فلا تستطيع إدارة المدارس رفض طلبهم لذلك تعاني بعض المدارس دون غيرها من الازدحام”.
وأضاف بأن لديهم لطلاب الصف السابع أربع شعب بطاقة استيعابية لمئة طالب ورغم ذلك عدد الطلاب المسجلين لديهم يقارب 165 طالب.
مدارس خاصة برسوم مرتفعة
وكان لمدينة حلب النصيب الأكبر من الدمار في الحرب السورية، وفق أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR) في آذار/مارس 2019.
وحاولت صفاء عليكاج (45عاماً) وهي من سكان حي الزبدية، نقل ابنتها وهي طالبة في الصف السادس من مدرسة “مدينة العلم” الخاصة في حي السريان القديمة إلى مدرسة “أحمد السعيد” الحكومية القريبة من منزلها وذلك لارتفاع رسوم التسجيل.
وتبلغ الرسوم في مدرسة “مدينة العلم”، 900 ألف ليرة للمرحلة الأولى الابتدائية ومليون وأربعمائة ألف ليرة سورية للمرحلة الإعدادية، ومليون وثمانمائة ألف ليرة للمرحلة الثانوية.
وقالت “عليكاج” إنها قررت تسجيل ابنتها في المدرسة الحكومية، لتخفيف التكاليف ولكن هي الأخرى واجهت صعوبات في عملية النقل، حيث رفضت إدارة المدرسة الحكومية الطلب “بحجة الازدحام”.
وأضافت: “أخبروني بأن عليِّ تسجيلها في مدرسة بحي جب الجلبي ولكن تلك المدرسة تبعد عن منزلنا 3 كم، وسنتكلف عبئاً إضافياً في تأمين مواصلات لها بسبب غياب الأمن”.
وأضافت: “إن استأجرت لابنتي سيارة أجرة شهرياً سيكون مصروفها ليس أقل من 120 ألف ليرة، لذلك اضطررت أن أبقيها في مدرستها الخاصة وأدفع ٩٠٠ ألف ليرة”.