حرفيون يعودون لصناعة صابون الغار في إدلب وسط نقص فرص العمل
إدلب– نورث برس
يجهد وائل العمر (38 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح من معرة النعمان ويعيش في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، في العمل مع أولاده في ورشة صغيرة لصناعة ألواح صابون الغار يدوياً، وذلك بعد عامين من انقطاعه عن المهنة التي يتقنها.
وتوقف النازح عن العمل في صناعة صابون الغار يدوياً أثناء نزوحه من مدينته إثر سيطرة القوات الحكومية على مدينة معرة النعمان عام 2018، ولم يتمكن حينها وبسبب اشتداد القصف من اصطحاب معدات العمل الخاصة.
وهذا العام، عاد النازح إلى مهنته ليفتتح ورشة خاصة به لصناعة الصابون يدوياً، والذي يلقى بحسب قوله، “إقبالاً جيداً” من قبل السكان والنازحين في إدلب بسبب جودته وانخفاض سعره.
ومع بدء الحرب السورية، تراجع العمل في هذه المهنة في إدلب بشكل كبير، نتيجة هجرة معظم العاملين بها وعزوف آخرين عن العمل بسبب مردودها الضئيل، لكنهم عادوا إليها البطالة وقلة فرص العمل، بالإضافة لغلاء الصابون التجاري.
وتدخل في صناعة صابون الغار العديد من المكونات أهمها زيت الزيتون وزيت المطراف ومادة الكوستيك، بالإضافة إلى الزيوت التجميلية وعطر الغار.
وتخضع صناعة الصابون اليدوي لمراحل تبدأ بصنع الخلطة الخاصة المكونة من زيت الزيتون والمواد الرغوية والمعطرات والماء المغلي، ومن ثم عملية تحريكه على النار لمدة ساعة ونصف حتى يتماسك الخليط ليتم سكبه في قوالب خشبية تصنع ألواحاً صغيرة، وصولاً لعملية التغليف والبيع أو التصدير.
وتستغرق هذه المراحل قرابة 20 يوماً، بحسب عاملين في المهنة.
وبداية العام الجاري، وعلى مقربة من مدينة معرة مصرين شمال إدلب، افتتحت رندا الزيات (34 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازحة في ريف حماة الشمالي، ورشتها الصغيرة لصناعة الصابون رفقة نساء وجدن في هذه المهنة فرصة عمل ملائمة تغنيهن عن العمل الشاق وطلب المساعدة من أحد.
وتقول “الزيات” إن ضيق العيش وقلة فرص العمل دفعها لافتتاح مشروعها الجديد الذي حقق لها دخلاً تستطيع من خلاله الإنفاق على عائلتها المؤلفة من ثلاثة أطفال بعد مقتل زوجها في الحرب أواخر العام 2017.
وتعمل المرأة الثلاثينية على نقل منتجاتها إلى مراكز التوزيع والتي بدورها تقوم بنقل الصابون إلى المحال التجارية التي “تفضل الصابون اليدوي على المنتج في المعامل نظراً لجودته وانخفاض سعره”، بحسب قولها.
ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من صابون الغار التجاري قرابة 25 ليرة تركية (ما يعادل عشرة آلاف ليرة سورية)، في حين يباع الكيلوغرام من الصابون اليدوي بنحو 20 ليرة تركية، وفقاً لتجار في إدلب.
وكل شهر، تقصد رويدا الوزير (30 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة في إدلب، ورشات صناعة صابون الغار اليدوي لشراء حاجة عائلتها.
تقول إنها تقبل على هذه الورشات نظراً لجودة منتجاتها، “إذ عانيت من تقصف الشعر والقشرة الدائمة بسبب الصابون الصناعي والتجاري والذي يحتوي على مواد كيميائية، في حين وجدت في الصابون اليدوي حلاً لتميزه بجودته ومكوناته الطبيعية.
ولا يقتصر العمل في صناعة صابون الغار اليدوي على الورشات، بل يقوم سكان في إدلب بصناعته في المنزل وبأدوات بسيطة لتلبية احتياجاتهم طوال السنة، وهو ما توضحه الخمسينية فاطمة الأصفر وهي نازحة من مدينة خان شيخون جنوب إدلب.
وتعتمد “الأصفر” على صناعة الصابون في منزلها منذ أن تعلمت صناعته من والدتها، وتصنع 30 كيلوغراماً منه سنوياً لتلبية احتياجات منزلها.
وتضيف أنها تقوم بصناعة ألواح الصابون لجيرانها وصديقاتها مجاناً، إذ أن كل ما عليهم أن يحضروا المواد الخام الأولية لتبدأ بصناعته، بحسب قولها.