ما دلالات افتتاح معبر بين مناطق سيطرة تحرير الشام وحكومة دمشق ؟
إدلب – نورث برس
يخشى محللون عسكريون وسياسيون وسكان محليون في إدلب، شمال غربي سوريا، من أن يتم حصر آلية دخول المساعدات وتوزيعها عبر دمشق مستقبلاً، وذلك بعد افتتاح معبر بين مناطق سيطرة كل من القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وفي الثلاثين من آب/ أغسطس الفائت، دخلت ثلاث شاحنات محملة بمساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) من معبر “معارة النعسان- ميزناز” قادمة من مناطق سيطرة الحكومة السورية.
تلاها في اليوم التالي دخول 15 شاحنة مساعدات أممية من المعبر الواقع بين بلدة معارة النعسان شرق إدلب ومناطق سيطرة الحكومة السورية في بلدة ميزناز غرب حلب.
وصدم افتتاح المعبر، الذي كان سابقاً ضرباً من الخيال بحسب البعض، القاعدة الشعبية لفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، وأثارت تساؤلات حول الغاية من تأمين عناصر الهيئة الحماية الكاملة للشاحنات التي وصلت مستودعات قرب الحدود السورية التركية بعد قطعها 45 كم في مناطق سيطرة المعارضة.
وقالت إدارة المعابر التابعة لهيئة تحرير الشام إن افتتاح المعبر تم “لأغراض إغاثية وتيسير دخول بعض القوافل الإغاثية الأممية والدولية إلى مناطق سيطرة نظام الأسد لتصل إلى أهلنا وشعبنا هناك”.
وبحسب الجهة نفسها، سيتم نقل جزء من مستودعات منظمات إنسانية دولية من مناطق سيطرة الحكومة في حلب إلى منطقة سيطرة المعارضة، “ومن ثم سيتم توزيع المساعدات التي تصل من خلال معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب إلى جميع المناطق حسب خطة متفق عليها”.
وواجه افتتاح المعبر الجديد رفضاً شعبياً وظهرت دعوات للاحتجاج وقطع الطرق أمام تلك الشاحنات، إذ رأى سكان أن وراء تلك المساعدات أهداف سياسية ليسوا على علم بها، فيما تساءل آخرون عن أسباب فتحه، في ظل وجود معبر باب الهوى والذي تدخل منه المساعدات الأممية إلى إدلب.
“شرعنة نظام الأسد”
واعتبر ناشطون في إدلب افتتاح المعبر محاولة “لشرعنة نظام الأسد” أمام المجتمع الدولي، واتهموا هيئة تحرير الشام “بالمتاجرة بقضية السوريين في مناطق سيطرتها”، خاصةً وأن الافتتاح جاء بعد تصعيد عسكري من جانب القوات الحكومية في مناطق جبل الزاوية جنوب إدلب وسهل الغاب بريف حماة الغربي.
وقال نصر اليوسف، وهو محلل سياسي سوري مختص في الشأن الروسي يعيش في موسكو، إن افتتاح المعبر يعود إلى المداولات التي جرت قبيل اتخاذ قرار مجلس الأمن الأخير الذي أعلن فيه تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وفي التاسع من تموز/ يوليو الماضي، مدد مجلس الأمن الدولي، آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا إلى شمال غربي سوريا، وذلك على مرحلتين مدة كل منهما ستة أشهر، ودون إضافة أي معابر أخرى.
لكن أحد شروط عدم استخدام روسيا لحق النقض، وبحسب “اليوسف”، هو افتتاح المعابر مع “النظام السوري، ودخول بعض المساعدات من مناطق سيطرته إلى مناطق سيطرة المعارضة، وهذا ما استطاعت روسيا تحقيقه وهو من صالحها لإظهار شرعية النظام”.
وقبل صدور قرار التمديد بيومين، طالبت روسيا، عبر الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشأن السوري ألكسندر لافرينتييف، بوقف عمل آلية إيصال المساعدات عبر الحدود السورية، وأنها يجب أن تصل فقط عبر دمشق.
“افتتاح معابر تجارية”
وعبر أحمد رحال، وهو محلل عسكري معارض، عن مخاوفه من قيام روسيا بعد نحو ستة أشهر (أي بعد انتهاء الفترة الأولى لتمديد إدخال المساعدات عبر باب الهوى) بتقديم تقرير لمجلس الأمن يؤكد دخول مساعدات إنسانية أممية من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق لمعارضة دون أن يتعرض لها أحد.
“وهو ما قد يؤدي إلى إغلاق معبر باب الهوى وتحويل المساعدات الأممية كاملة إلى النظام السوري، ومن المؤكد أنه لن يقوم بتوزيع أي نوع من أنواع هذه المساعدات للسكان”، حسب “رحال”.
ورأى المحلل العسكري المعارض أن إدخال تلك المساعدات ذو أهمية كبيرة بالنسبة “لروسيا والنظام، إذ أنها تفك العزلة عن نظام الأسد المحاصر، فهو يسعى منذ نحو عامين لافتتاح معابر بينه وبين مناطق سيطرة المعارضة بضغط من روسيا”.
وأشار إلى أن زعيم تحرير الشام أبو محمد الجولاني يتفرد اليوم بالقرار، “فمن سمح له اليوم بأخذ قرار عن الثورة السورية، ويقوم بمصادرة ما تبقى من القرار السياسي والعسكري للثورة السورية”.
ووصف الأمر بـ”خطير جداً”.
بينما رأى مصطفى بكور، وهو الناطق الرسمي باسم جيش العزة التابع لفصائل المعارضة السورية، أن فتح المعابر مع الحكومة “يساهم في تخفيف المعاناة في مناطق سيطرته وبالتالي تقويته وإظهاره على أنه يقدم خدمات للمناطق الخارجة عن سيطرته وخاصة إيصال المساعدات الإنسانية”.
ومن الطبيعي، من وجهة نظر “بكور”، أن تقوم روسيا بالاعتراض على تجديد التفويض بإدخال المساعدات من معبر باب الهوى في المرة القادمة، على اعتبار أن من يسيطر على باب الهوى “سلطة غير شرعية بنظرهم وأن النظام لا يعيق وصول المساعدات إلى كافة المناطق”.
ولم يستبعد “بكور” من افتتاح معابر تجارية مع مناطق سيطرة الحكومة في الفترة المقبلة.