أطفال في حماة لم تتمكن عائلاتهم من تسجيلهم في الروضات
حماة- نورث برس
لم تتمكن سيدرا السعد (36 عاماً)، وهو اسم مستعار لسيدة تعيش في حي تشرين بمدينة حماة، وسط سوريا، من تسجيل طفلتها في الروضات، معتمدة على تعليمها في المنزل رغم عدم امتلاكها خبرة واسعة.
وتسجل العائلات أطفالها في الروضات عادة على الأقل للعام الذي يسبق دخولهم المدارس، لتنمية مهاراتهم الاجتماعية وإمكاناتهم التعليمية من خلال نشاطات ترفيهية في مجال الموسيقا والرسم والقصص إلى جانب التعليم، فيما تلجأ نساء عاملات لذلك لتأمين مكان لأطفالهن خلال ساعات دوامهن.
وهذا العام، لم تتمكن عائلات في حماة وخاصة ذوات الدخل المحدود من تسجيل أطفالها في الروضات، بسبب قلة الروضات الحكومية وعدم استيعابها لأعداد الأطفال وارتفاع رسوم الخاصة منها.
تقول “السعد”: “ليس هناك أب وأم يبخلان على أطفالهما ولكن العين بصيرة واليد قصيرة”، في إشارة منها إلى أن الوضع المادي للعائلة لا يسمح لها بتحمل تكاليف الروضات الخاصة.
ويعمل رب العائلة أكثر من عمل لتأمين مستلزمات المنزل، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية.
ويشتكي سكان من قلة عدد الروضات الحكومية في المدينة، والتي غالباً ما تلحق ببناء مدرسة ابتدائية وتكون تابعة لوزارة التربية.
وتشير إحصائية رسمية في العام 2019، إلى وجود 42 روضة عامة في كامل محافظة حماة مقابل 182 روضة خاصة.
وتتقاضى الروضات الحكومية رسوماً “رمزية” من السكان تتراوح بين 20 و30 ألف ليرة سورية سنوياً، إلى جانب أثمان الكتب المدرسية التي تتراوح بين أربعة آلاف وسبعة آلاف ليرة سورية.
ويقول ذوو أطفال في حماة إن أفضلية التسجيل في الروضات الحكومية يكون لأولاد المعلمين وبعض المحسوبيات.
ويشير آخرون إلى تهافت السكان عليها لرسومها رخيصة، رغم أن تلك الروضات تفتقر للكثير من مقومات التعليم والرعاية.
وتخلو أحياء في حماة من روضات عامة، بينما تنتشر الخاصة في معظمها، وتتراوح أسعار رسومها ما بين 500 ألف ليرة سورية ومليون ليرة سنوياً، بالإضافة إلى ثمن الكتب وأجور نقل الأطفال.
وعجز عبدالله المليح (48 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي الشرقية بحماة، عن تأمين مقعد روضة لطفله البالغ من العمر خمسة أعوام، بسبب عدم تمكنه من تأمين الرسوم.
ويتقاضى “المليح” 75 ألف ليرة سورية شهرياً لقاء عمله في محل تجاري، في حين يبلغ القسط السنوي في الروضة الخاصة في حيه قرابة 800 ألف ليرة سورية سنوياً.
يقول الأب إن المبلغ ” كبير للغاية ويتطلب أن أعمل عاماً كاملاً دون صرف على طعام أو شراب”.
ويرجع أصحاب الروضات الخاصة ارتفاع الرسوم إلى غلاء المستلزمات وارتفاع إيجار المباني وأجور العاملين والوقود اللازم لتشغيل المولدات.
وهذا العام، رفع نزار داوود، وهو صاحب روضة خاصة في حماة، رسوم التسجيل إلى 650 ألف ليرة سورية سنوياً، دون أن يتضمن المبلغ أجور نقل كما كان خلال الأعوام الماضية.
وقال إن إيجار مبنى الروضة لديه يصل إلى 500 ألف ليرة شهرياً، “وهو ما يجبرنا على رفع الأسعار لنستمر في العمل”.
ويبرر ذلك بتجنب انتقادات العائلات، “أوقفنا نقل الأطفال بباص كنا نتعاقد مع صاحبه وذلك بسبب ارتفاع أجور النقل”.
وأشار إلى أنه وبسبب ارتفاع سعر وقود المازوت (الديزل) وعدم توفره، يطلب أصحاب الباصات المتعاقدة مع الروضات مبالغ تصل إلى 500 ألف ليرة سورية شهرياً.
وفي هذه الحال، تشترك عائلات سجلت أطفالها في روضات خاصة باستئجار سيارة خاصة لنقل الأطفال إلى الروضة وإعادتهم للمنزل، وهو ما يعني تحمل مبلغ إضافي.