جفاف آبار في جبل الزاوية يفاقم أوضاع سكان ومزارعين وسط التصعيد العسكري
إدلب – نورث برس
بعد بحث دام لساعات، تمكن قيس الطاهر (40 عاماً)، وهو صاحب صهريج مياه في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، شمال غربي سوريا، من تعبئة صهريجه بالمياه مقابل سعر قال إنه “مرتفع”، ليضطر لبيعها لسكان بسعر مرتفع أيضاً في ظل جفاف آبار مياه جوفية في المنطقة.
ويعاني سكان منطقة جبل الزاوية، التي تضم نحو 35 قرية وبلدة، من أزمة مياه بسبب جفاف ونقص المياه في 80 بالمائة من الآبار الجوفية والسطحية في المنطقة.
وقال “الطاهر”، وهو من سكان بلدة مرعيان بجبل الزاوية، إن معظم الآبار في بلدته والآبار القريبة منها جفت بشكلٍ شبه كامل.
وأشار إلى أن البئر الذي كان يضخ يومياً ما يقارب 30 صهريجاً، بات اليوم لا يضخ أكثر من ثلاثة أو خمسة صهاريج كحد أقصى، كما أن البعض منها توقف بشكلٍ كامل.
ويضطر “الطاهر” لقطع أضعاف المسافات سابقاً لتعبئة صهريجه بالمياه وبيعها للسكان، وهو ما أجبره على رفع سعر الصهريج الذي يتسع لنحو 25 برميلاً من 50 ليرة تركية إلى 80 ليرة تركية، وفي بعض الأحيان إلى 100 ليرة تركية (ما يعادل 42 ألف ليرة سورية).
كما أن أصحاب الآبار “يستغلون”، بحسب صاحب الصهريج، الأزمة من خلال رفع سعر تعبئة الصهاريج من البئر، إذ بلغ سعر تعبئة الصهريج الواحد من مناهل المياه إلى 25 ليرة تركية بعد أن كان بـ 15 ليرة تركية فقط.
ويحدث ذلك، في ظل ما تشهده المنطقة منذ أشهر من تصعيد وقصف متبادل بين القوات الحكومية بدعم من روسيا وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا، رغم اتفاق وقف إطلاق النار منذ الخامس من آذار/مارس عام 2020.
عشوائية في الحفر والري
وأرجع محمد خليفة، وهو مهندس زراعي في جبل الزاوية، المشكلة إلى عدة أسباب أهمها قلة الأمطار في السنوات الماضية وانخفاضها عن معدلها السنوي، إضافةً إلى الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية بسبب تقلص مساحة الأراضي وزيادة عدد السكان.
كما أن حفر الآبار بشكل عشوائي وبدون دراسة واعتماد معظم المزارعين على أساليب الري القديمة والتي تؤدي إلى هدر المياه بنسبة مرتفعة، أسباب أخرى لجفاف آبار، بحسب المهندس الزراعي.
ورأى “خليفة” أن جفاف آبار جوفية وسطحية في المنطقة سينعكس سلباً على سكان المنطقة، “فقد يسبب الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية إلى انخفاض حصة الفرد من المياه”.
كما أن جفاف الآبار انعكس سلباً على مزارعين، إذ أجبر البعض منهم على قلع الأشجار ذات المتطلبات المائية العالية واللجوء إلى أصناف أخرى ذات احتياجات مائية أقل.
وبحسب سكان فإن معظم العائلات التي ما زالت تسكن المنطقة رغم استمرار القصف، هم من ذوي دخل محدود ويعتمدون بشكل أساسي على ما تنتجها أراضيهم وليس لديهم إمكانات استئجار منزل في مناطق آمنة.
ويكمن الحل من وجهة نظر المهندس في تجديد عدد الآبار الجوفية في كل منطقة وعدم السماح بحفر آبار جديدة إلا تحت إشراف مختصين.
كما يجب العمل على حفر آبار ارتوازية بمناطق مدروسة بحيث تخدم أكبر عدد ممكن من السكان، إضافةً إلى اللجوء إلى أساليب الري الحديثة مثل الري بالتنقيط والذي من شأنه أن يخفف من هدر المياه.
سكان متضررون
وقال سعيد الخاني (35 عاماً)، وهو من سكان بلدة بليون بجبل الزاوية، إن أسعار صهاريج المياه بالأحوال العادية كانت مرتفعة في المنطقة بسبب ارتفاع أسعار وقود المازوت (الديزل) وبعد المسافات التي يضطر أصحاب الصهاريج لقطعها، “ولكن المشكلة تفاقمت مؤخراً بعد جفاف آبار مياه”.
وتحتاج عائلته المؤلفة من 10 أفراد شهرياً إلى نحو 75 دولاراً (250 ألف ليرة سورية) ثمناً للمياه فقط، في حين أن دخل رب العائلة الأسبوعي لا يتجاوز مئة ليرة تركية (42 ألف ليرة سورية)، “هذا إن كان العمل متوفراً”.
ويعمل أربعة من أولاد العائلة في الأراضي الزراعية ويخاطرون في كثير من الأوقات للعمل في المناطق القريبة من حواجز القوات الحكومية لقاء مبلغ 15 أو 20 ليرة تركية يومياً.
لكن رب العائلة ذكر أن أولاده لا يعملون سوى عدة أيام في الأسبوع.
وقام “الخاني” بقلع غراس الكرز التي زرعها العام الفائت على أمل استبدالها بزراعة أخرى الموسم القادم، وذلك بسبب حاجتها الكثيرة للمياه.